البينة على من ادعى واليمين على من انكر

بقلم : د. ناجي سابق
عدد الزيارات: 8

البينة على من ادعى واليمين على من انكر

"على المدعي إثبات الالتزام، وعلى المدعى عليه إثبات التخلص منه"

تعدّ قاعدة "البينة على من ادعى واليمين على من انكر " من القواعد الأساسية في فقه الإثبات، وترتكز عليها أنظمة العدالة المدنية  وتفرّع عن هذه القاعدة المبدأ المعروف في القضاء المدني والذي يقتضي أن يقع عبء إثبات الالتزام على المدعي، وعبء إثبات التخلص منه على المدعى عليه. وهذه القاعدة تمثل توازنًا دقيقًا في توزيع عبء الإثبات بما يحفظ حقوق الأطراف ويمنع التعسف في استعمال الحق.

يرتكز الأساس القانوني لهذه القاعدة في قانون الاثبات 
فإذا جاء المدعي بدعوى يطالب فيها بحق، فعليه أن يُثبت الواقعة المنشئة للالتزام، كالعقد، أو الفعل الضار، أو الإثراء بلا سبب، أو غيرها من مصادر الالتزام. أما المدعى عليه، فإن أنكر وجود الالتزام، فلا يُكلف بشيء. لكن، إذا أقر المدعى عليه بالالتزام وادعى أنه أوفى به، فعليه هو إثبات هذا الوفاء أو سبب زوال الالتزام كيف واين حصل ذلك من خلا ل ادلة الاثبات المعروفة قانونا"
وقد اكت احكام المحاكم المدنية على تطبيق صارم لهذا المبدأ، في أكثر من دولة على هذا التوزيع الدقيق لعبء الإثبات. ومن المبادئ المستقرة:
1. من يدعي وجود الالتزام فعليه إثباته: وهذا يتطلب إبراز عقد مكتوب، أو شهود، أو قرائن، أو إقرار من الخصم.
2. من يدعي سقوط الالتزام فعليه إثبات سبب السقوط: كالسداد، أو المقاصة، أو الإبراء، أو التقادم.
وقد جاء في أحد أحكام محكمة التمييز اللبنانية أن:
 "من يُطالب بحق عليه أن يثبته، فإن أثبته، فإن عبء إثبات انقضاء هذا الحق ينتقل إلى المدين."
كما أقر الاجتهاد القضائي المصري بأن:
"المدعي يثبت ما يدعيه من نشوء الالتزام، والمدعى عليه يثبت ما يدعيه من انقضاء الالتزام."
 اما من  الناحية الفقهية، فإن هذا المبدأ يتماشى مع قواعد العدالة والإنصاف، إذ لا يجوز أن يُلزم شخص بإثبات أمر سلبي (أي نفي الالتزام) دون أن يثبت خصمه أولًا وجود هذا الالتزام. فالمُدعي يَطلب من القضاء الاعتراف له بحق أو بمركز قانوني، ومن ثم يقع عليه عبء إثبات ذلك. أما المدعى عليه، فلا يُكلف بشيء إلا إذا أقر بالالتزام وادعى سقوطه لأن توزيع عبء الإثبات بهذا الشكل يمنع العبث بالقضاء ويحول دون إقامة دعاوى كيدية. إذ كيف يُطلب من شخص أن يثبت أنه غير مديون، في الوقت الذي لم يثبت فيه خصمه وجود الدين 
ورغم وضوح هذا المبدأ، إلا أن له استثناءات تفرضها بعض النصوص الخاصة أو الظروف الاستثنائية، ومنها:
1. افتراضات قانونية لصالح أحد الطرفين: كافتراض أن العامل قد أدى عمله ما دام قد التحق بالوظيفة، فيقع عبء نفي ذلك على صاحب العمل.
2. إذا كان الإثبات على المدعى صعبًا جدًا بينما يمكن للمدعى عليه إثبات العكس بسهولة، كما في حالات الضرر الناتج عن الأشياء الخطرة أو مسؤولية المنتج، حيث تنقلب القاعدة تخفيفًا على المضرور.
إن وضوح قواعد الإثبات وثباتها يسهم في تعزيز النظام العام ، ويحدد بدقة واجبات كل طرف في الدعوى. كما أن هذا المبدأ يعزز ثقة المتقاضين في القضاء، إذ يعلم كل طرف أن عليه أن يستعد لإثبات دعواه أو دفاعه وفقا" للقانون خوفا" من تعرضه للعقوبات القضائية حيت لا جريمة ولا عقوبة بدون نص
يتبين مما سبق أن قاعدة "على المدعي إثبات الالتزام، وعلى المدعى عليه إثبات التخلص منه" تمثل حجر الزاوية في نظام الإثبات، وتوفر توازنًا دقيقًا بين الأطراف في الخصومة. ومن ثم فإن احترامها وتطبيقها بدقة من قبل القضاة والمحامين والمتنازعين أمرٌ ضروري لضمان عدالة الإجراءات واحقاق الحق.
المستشار الدكتور ناجي سابق# البينة على من ادعى واليمين على من انكر# الدكتور ناجي سابق# المحكم ناجي سابق # الاثبات القانوني # حماية النظام العام


قنوات التواصل

مسقط ، سلطنة عمان

naji.sabek@hotmail.com

+9613606501