المتهم بريء حتى ثتبث ادانته

بقلم : د. ناجي سابق
عدد الزيارات: 137

المتهم بريء حتى ثتبث ادانته

"المتهم بريء حتى تثبت إدانته": أصل المقولة وتطبيقاتها العملية
تُعتبر مقولة "المتهم بريء حتى تثبت إدانته" من المبادئ الأساسية في النظم القانونية الحديثة وتعتبر حجر الزاوية في ضمان العدالة الجنائية. تعكس هذه المقولة فكرة أن الشخص يُفترض براءته من أي جريمة حتى يتم إثبات الجريمة ضده بما لا يدع مجالاً للشك. في هذا المقال، سنتناول أصل مقولة "المتهم بريء حتى تثبت إدانته"، مفهومها، وتطبيقاتها العملية من خلال أمثلة توضيحية، كما سنستعرض التحديات المرتبطة بهذا المبدأ.
أصل مقولة "المتهم بريء حتى تثبت إدانته"
تعود جذور مقولة "المتهم بريء حتى تثبت إدانته" إلى تقاليد القانون الجنائي وقوانين الإجراءات القانونية الجنائية في مختلف الثقافات والنظم القانونية. تعكس هذه المقولة فلسفة العدالة التي تُفضل حماية حقوق الأفراد وتجنب إدانة الأبرياء.
أصول المقولة:
1. الحقوق القانونية: يعتبر المبدأ جزءًا من الحقوق القانونية الأساسية التي تُعزز من حماية الأفراد ضد التعرض للظلم والإدانة غير المبررة. وقد تم تكريسه في العديد من النظم القانونية الدولية.
2. القانون الروماني: في القانون الروماني، كان يُفترض أن الفرد بريء حتى يُثبت العكس، ويُعزز من هذا المبدأ في التعامل مع القضايا الجنائية.
3. الفقه الإسلامي: في الفقه الإسلامي، يُعتبر مبدأ "البريء حتى تثبت إدانته" قاعدة أساسية، حيث يُفترض أن الشخص بريء حتى يُثبت بالدليل القاطع ارتكابه لجريمة.
4. التقاليد القانونية الحديثة: في النظم القانونية الحديثة، مثل القانون الفرنسي والقانون الإنجليزي، تُعتبر هذه القاعدة جزءًا أساسيًا من النظام القضائي الجنائي، ويُعزز من حقوق الدفاع وحماية الأفراد.
مفهوم المقولة
مبدأ "المتهم بريء حتى تثبت إدانته" يعبر عن الفكرة الأساسية التي تقول إن الشخص يُفترض براءته حتى يتم تقديم دليل قاطع يثبت إدانته. يشمل هذا المبدأ عدة جوانب أساسية:
1. الافتراض بالبراءة: يُفترض أن المتهم بريء من الجريمة حتى يتم تقديم دليل قوي يثبت ارتكابه للجريمة.
2. عبء الإثبات: يقع على عاتق الادعاء تقديم الأدلة اللازمة لإثبات الجريمة، وليس على المتهم إثبات براءته.
3. حماية حقوق الدفاع: يهدف المبدأ إلى ضمان أن المتهم يحصل على فرصة عادلة للدفاع عن نفسه ضد التهم الموجهة إليه.
أمثلة توضيحية لتطبيق المبدأ
1. مثال في قضايا القتل:
• الحالة: شخص يُتهم بقتل آخر، ويتم القبض عليه بناءً على اتهامات غير مثبتة. في المحكمة، يُفترض أن الشخص بريء حتى يتم تقديم أدلة قاطعة على ارتكابه للجريمة. الادعاء يقدم أدلة مثل شهادة شهود وبصمات الأصابع، ولكنها غير كافية لإثبات الجريمة بما لا يدع مجالاً للشك. يُحكم ببراءة المتهم بناءً على نقص الأدلة.
• توضيح: في هذا السياق، يعكس المبدأ أهمية حماية حقوق المتهم وضمان أن يكون الإثبات كافياً لإثبات الجريمة قبل إصدار الحكم بالإدانة. يُفترض أن كل شخص بريء حتى يُثبت عكس ذلك من خلال الأدلة القاطعة.
2. مثال في قضايا السرقة:
• الحالة: شخص يُتهم بسرقة متاجر في منطقة معينة. الشرطة تعتقل الشخص بناءً على الشكوك، ولكن لا توجد أدلة مباشرة تُثبت ارتكابه للجريمة. المحكمة تستعرض الأدلة وتجد أنها غير كافية لإثبات الجريمة بشكل قاطع. يُحكم ببراءة المتهم.
• توضيح: هنا، يُعزز المبدأ من أهمية تقديم أدلة واضحة ومباشرة لإثبات ارتكاب الجريمة، ويؤكد على أن التهمة لا تكفي وحدها لإدانة شخص. يُفترض أن الشخص بريء حتى يُثبت ارتكابه للجريمة بالدليل القاطع.
3. مثال في قضايا الاحتيال:
• الحالة: متهم بارتكاب احتيال مالي يُحاكم بناءً على مستندات مزورة يُشتبه في أنها أُعدت لإدانته. التحقيق يكشف أن المستندات غير كافية لإثبات الاحتيال بشكل قاطع. المحكمة تقرر براءة المتهم بسبب نقص الأدلة القاطعة.
• توضيح: في هذا السياق، يُعزز المبدأ من أهمية التحقق الدقيق من الأدلة والتأكد من أنها كافية لإثبات الجريمة قبل إصدار حكم بالإدانة. يُفترض أن المتهم بريء حتى يُثبت عكس ذلك من خلال الأدلة القاطعة.
4. مثال في قضايا المخدرات:
• الحالة: شخص يُتهم بحيازة المخدرات بناءً على شهادة شاهد عيان غير موثوقة. المحكمة تستعرض الأدلة وتجد أن شهادة الشاهد غير كافية لإثبات الجريمة بشكل قاطع. يُحكم ببراءة المتهم بناءً على نقص الأدلة.
• توضيح: هنا، يُعزز المبدأ من أهمية حماية حقوق المتهم من التهم المبنية على شهادات غير موثوقة. يُفترض أن الشخص بريء حتى يُثبت ارتكابه للجريمة من خلال أدلة قوية ومثبتة.
5. مثال في قضايا التهديد:
• الحالة: شخص يُتهم بتهديد آخر بناءً على تسجيل صوتي غير موثوق. المحكمة تُراجع التسجيل وتجد أنه لا يُثبت بشكل قاطع تهديداً حقيقياً. يُحكم ببراءة المتهم بسبب عدم كفاية الأدلة.
• توضيح: في هذا السياق، يعكس المبدأ أهمية ضمان تقديم أدلة قاطعة لإثبات التهديد قبل إصدار حكم بالإدانة. يُفترض أن الشخص بريء حتى يُثبت عكس ذلك من خلال الأدلة القوية.
التحديات والانتقادات
رغم أهمية مبدأ "المتهم بريء حتى تثبت إدانته"، قد يواجه بعض التحديات والانتقادات، مثل:
1. الضغط على الضحايا: في بعض الحالات، قد يشعر الضحايا بالضغط نتيجة عدم تحقيق العدالة السريعة بسبب الافتراض بالبراءة، مما يمكن أن يؤثر على ثقتهم في النظام القضائي.
2. التكاليف العالية: قد يتطلب تقديم الأدلة لإثبات الجريمة تكاليف مالية مرتفعة، مما يمكن أن يؤثر على قدرة الادعاء على تقديم قضيته بشكل فعّال.
3. المدة الزمنية: في بعض الحالات، قد تستغرق القضايا وقتًا طويلاً لإثبات الجريمة، مما يمكن أن يؤثر على المتهمين والضحايا على حد سواء.
بعض الحلول المقترحة تشمل:
1. تحسين الإجراءات القانونية: تطوير إجراءات قانونية فعّالة لجمع وتحليل الأدلة يمكن أن يساعد في تحقيق العدالة بشكل أسرع وأكثر دقة.
2. تقليل التكاليف: تقديم دعم مالي للجهات القانونية يمكن أن يساعد في تقليل تكاليف تقديم الأدلة وتعزيز فعالية الإجراءات القانونية.
3. التوازن بين الحقوق والعدالة: تقديم آليات لتوازن بين حقوق المتهمين وحماية حقوق الضحايا يمكن أن يسهم في تحسين نظام العدالة وضمان تحقيق نتائج منصفة.
الختام
مقولة "المتهم بريء حتى تثبت إدانته" تعكس مبدأ أساسياً في النظام القضائي الذي يركز على حماية حقوق الأفراد وضمان العدالة في القضايا الجنائية. من خلال التأكيد على أن الشخص يُفترض براءته حتى يتم تقديم دليل قاطع يثبت إدانته، يعزز هذا المبدأ من حماية حقوق الدفاع وضمان عدم تحميل الأفراد عقوبات غير مبررة. رغم التحديات المرتبطة بتطبيق هذا المبدأ، فإن تحسين الإجراءات القانونية وتقديم الدعم المالي يمكن أن يساعد في تعزيز العدالة وتحقيق نتائج منصفة، مما يعزز من مصداقية النظام القضائي وحقوق الأفراد.

المستشار القانوني 
الدكتور ناجي سابق


قنوات التواصل

مسقط ، سلطنة عمان

naji.sabek@hotmail.com

+9613606501