لا يضار الطاعن بطعنه ولا المستأنف بإستئنافه

بقلم : د. ناجي سابق
عدد الزيارات: 210

لا يضار الطاعن بطعنه ولا المستأنف بإستئنافه

"لا يضار الطاعن بطعنه ولا المستأنف باستئنافه": أصل المقولة وتطبيقاتها العملية
تعتبر مقولة "لا يضار الطاعن بطعنه ولا المستأنف باستئنافه" من المبادئ القانونية الأساسية التي تضمن حماية حقوق الأفراد في الأنظمة القضائية. تعكس هذه المقولة الفكرة الأساسية بأن اللجوء إلى الطعن أو الاستئناف لا يجب أن يكون سببًا في إلحاق الأضرار بالأطراف التي تقدمت بهذا الطعن أو الاستئناف. هذا المبدأ يهدف إلى تحقيق العدالة من خلال ضمان عدم التأثير السلبي على الأطراف التي تسعى لتصحيح الأخطاء أو تحسين الأحكام من خلال القنوات القانونية المتاحة. في هذا المقال، سنستعرض أصل هذه المقولة، مفهومها، وكيفية تطبيقها من خلال أمثلة توضيحية مفصلة.
أصل مقولة "لا يضار الطاعن بطعنه ولا المستأنف باستئنافه"
تعود جذور مقولة "لا يضار الطاعن بطعنه ولا المستأنف باستئنافه" إلى المبادئ القانونية التي تهدف إلى ضمان النزاهة والعدالة في الأنظمة القضائية. يشير هذا المبدأ إلى أنه يجب حماية حقوق الأطراف التي تلجأ إلى الطعن أو الاستئناف من أي تداعيات سلبية قد تنجم عن استخدام هذه الحقوق القانونية.
أصول المقولة:
1. القانون الروماني: في القانون الروماني القديم، كان هناك اهتمام بحماية حقوق الأفراد عند اللجوء إلى الطعون القانونية. يُعبر هذا عن مبدأ عدم تأثير الطعون أو الاستئنافات على الأطراف التي تتقدم بها.
2. القانون المدني الفرنسي: في القانون المدني الفرنسي، يُعتبر مبدأ حماية الطاعن والمستأنف جزءاً من النظام القضائي الذي يهدف إلى ضمان العدالة وحماية حقوق الأطراف خلال إجراءات الطعن والاستئناف.
3. الفقه الإسلامي: في الفقه الإسلامي، يُعتبر مبدأ حماية الأطراف التي تسعى لتصحيح الأخطاء أو تحسين الأحكام من خلال الطعن أو الاستئناف جزءاً من القوانين الشرعية التي تعزز من العدالة والإنصاف.
مفهوم المقولة
مبدأ "لا يضار الطاعن بطعنه ولا المستأنف باستئنافه" يعبر عن الفكرة الأساسية بأن استخدام حقوق الطعن أو الاستئناف لا يجب أن يؤدي إلى الإضرار بالأطراف التي تسعى لتصحيح الأخطاء أو تحسين الأحكام. يتطلب هذا المبدأ ضمان عدم تأثير الطعون أو الاستئنافات سلباً على الأطراف التي تقدمها.
أسباب تطبيق المبدأ تشمل:
1. تحقيق العدالة: يساهم المبدأ في ضمان عدم الإضرار بالأطراف التي تسعى لتصحيح الأخطاء أو تحسين الأحكام، مما يعزز من تحقيق العدالة في النظام القضائي.
2. تشجيع الطعون والاستئنافات: يساعد المبدأ في تشجيع الأطراف على استخدام حقوق الطعن أو الاستئناف دون خوف من الأضرار المحتملة، مما يساهم في تحسين الأحكام القضائية وضمان نزاهة النظام القضائي.
3. حماية الحقوق: يساهم المبدأ في حماية حقوق الأطراف التي تستخدم الطعون أو الاستئنافات، مما يعزز من احترام حقوق الأفراد والعدالة في النظام القضائي.
أمثلة توضيحية لتطبيق المبدأ
1. مثال في القضايا المدنية:
• الحالة: شخص قدم طعناً في حكم قضائي يراه غير عادل. بناءً على مبدأ "لا يضار الطاعن بطعنه"، يجب على المحكمة أن تضمن أن الطعن لا يؤدي إلى فرض أي عقوبات أو أضرار إضافية على الطاعن بسبب تقديمه للطعن. يجب أن تتم مراجعة القضية بشكل عادل دون التأثير السلبي على الطاعن.
• توضيح: في هذا السياق، يُعزز المبدأ من أهمية حماية حقوق الطاعن وعدم تأثره سلباً بسبب استخدامه لحقه القانوني في الطعن. يُعزز ذلك من تحقيق العدالة والنزاهة في النظام القضائي.
2. مثال في قضايا العمل:
• الحالة: موظف يطعن في قرار إنهاء خدمته عبر القضاء، مطالباً بإعادة تعيينه أو تعويضه. بناءً على مبدأ "لا يضار الطاعن بطعنه"، يجب ضمان أن الطعن لا يؤدي إلى أي تداعيات سلبية إضافية على الموظف مثل التأثير السلبي على سمعة الموظف أو أي أضرار أخرى.
• توضيح: هنا، يُطبق المبدأ لضمان أن الطعن لا يؤدي إلى إلحاق الأضرار بالموظف، مما يعزز من تحقيق العدالة ويحمي حقوقه في قضايا العمل.
3. مثال في القضايا الجنائية:
• الحالة: متهم يستأنف حكم الإدانة الذي صدر ضده. بناءً على مبدأ "لا يضار الطاعن بطعنه"، يجب أن يتم استئناف الحكم دون تأثير سلبى على المتهم، مثل استمرار احتجازه دون مبرر خلال فترة الاستئناف، حتى يتم الفصل في الاستئناف.
• توضيح: في هذا السياق، يُعزز المبدأ من أهمية حماية حقوق المتهم خلال فترة الاستئناف، ويضمن عدم إلحاق الأضرار به بسبب استخدامه لحقه في الاستئناف.
4. مثال في القضايا الإدارية:
• الحالة: مواطن يقدم استئنافاً ضد قرار إداري يتعارض مع حقوقه. بناءً على مبدأ "لا يضار الطاعن بطعنه"، يجب أن يتم معالجة الاستئناف دون تأثير سلبي على المواطن، مثل فرض عقوبات إضافية أو تأخير في تقديم الخدمات نتيجة للاستئناف.
• توضيح: هنا، يُطبق المبدأ لضمان أن الاستئناف لا يؤدي إلى إلحاق الأضرار بالمواطن، مما يعزز من احترام حقوق الأفراد في القضايا الإدارية.
5. مثال في القضايا التجارية:
• الحالة: شركة تقدم طعناً ضد قرار تحكيمي تعتقد أنه غير عادل. بناءً على مبدأ "لا يضار الطاعن بطعنه"، يجب أن يتم فحص الطعن بشكل عادل دون فرض أي أضرار إضافية على الشركة، مثل تأخير في تنفيذ الأحكام أو فرض عقوبات إضافية.
• توضيح: في هذا السياق، يُعزز المبدأ من أهمية حماية حقوق الشركة خلال عملية الطعن، ويضمن عدم تأثرها سلباً بسبب استخدام حقها في الطعن.
التحديات والانتقادات
رغم أهمية مبدأ "لا يضار الطاعن بطعنه ولا المستأنف باستئنافه"، قد يواجه بعض التحديات والانتقادات، مثل:
1. تأثير الوقت: قد يؤدي وقت معالجة الطعون والاستئنافات إلى تأخير في تنفيذ الأحكام، مما قد يكون له تأثير سلبي على الأطراف الأخرى في القضية.
2. إجراءات الطعون: قد تكون إجراءات الطعون والاستئنافات معقدة وطويلة، مما يتطلب موارد إضافية ويمكن أن يؤثر على الأطراف المعنية.
3. التأثير النفسي: قد يكون للطعن أو الاستئناف تأثير نفسي على الأطراف، حتى إذا لم يتسبب في أضرار مادية مباشرة.
بعض الحلول المقترحة تشمل:
1. تسريع الإجراءات: تحسين إجراءات الطعون والاستئنافات لتقليل التأخير وضمان الفصل السريع في القضايا يمكن أن يساعد في تقليل التأثير السلبي.
2. توفير الدعم: تقديم الدعم والإرشاد للأطراف خلال عملية الطعن أو الاستئناف يمكن أن يساعد في تقليل التأثير النفسي والإجرائي.
3. تحسين الشفافية: تعزيز الشفافية في معالجة الطعون والاستئنافات يمكن أن يساعد في ضمان تحقيق العدالة وحماية حقوق الأطراف.
الختام
مقولة "لا يضار الطاعن بطعنه ولا المستأنف باستئنافه" تعكس مبدأ أساسياً في تحقيق العدالة وحماية حقوق الأفراد في النظام القضائي. من خلال التأكيد على أن الطعون والاستئنافات لا يجب أن تؤدي إلى إلحاق الأضرار بالأطراف التي تستخدم هذه الحقوق القانونية، يعزز هذا المبدأ من نزاهة النظام القضائي ويضمن حماية حقوق الأفراد. رغم التحديات التي قد تواجه تطبيق المبدأ، فإن تحسين الإجراءات، وتوفير الدعم، وتعزيز الشفافية يمكن أن يساعد في تحقيق نتائج عادلة وفعالة، مما يساهم في تحقيق العدالة والنزاهة في النظام القضائي.
* المستشار الدكتور ناجي سابق# د.ناجي سابق


قنوات التواصل

مسقط ، سلطنة عمان

naji.sabek@hotmail.com

+9613606501