لا دعوى دون مصلحة
وهو ما حددته المادة 3 من قانون المرافعات حيث نصت على: "لا تقبل اي دعوى كما لا يقبل أي طلب أو دفع استنادا لأحكام هذا القانون أو أي قانون أخر، لا يكون لصاحبه فيها مصلحة شخصية ومباشرة وقائمة يقرها القانون، ومع ذلك تكفي المصلحة المحتملة إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق زوال دليله.
نظراً لأن المشرع لم يحدد الصفة في الدعوى بل لم يضعها ضمن شروط قبول الدعوى، لذلك اختلف الفقه في تعريفها والسبب أن المشرع لم يعرفها ولكن اقتصر عليها شرط من شروط قبول الدعوى في المادة "3" مرافعات، فقد ذهب البعض إلي أنها وصف من أوصاف المصلحة، حيث إن المصلحة الشرط الوحيد لقبول الدعوي والصفة وصف أو شرط من شروط المصلحـة، والرأي الراجح يرى أن الصفة شرط في الدعوى وهو شرط مستقل عن المصلحة، لأن المصلحة تعنى الفائدة التي تعيد على الشخص من دعواه.
أما الصفة فتعنى سلطة مباشرة الدعوى التي تمنح لمن يكون صاحب الحق المعتدى عليه أو المهدد وهى الجانب الشخصي للدعوى، أي ترفع من صاحب الصفة الإيجابية على صاحب الصفة السلبية المدعي عليه فقد يتوافر للشخص المصلحة ولا يتوافر له الصفة، ومثال لذلك دعوي بطلان عقد شركة تقرر لصاحبها فلا يجوز للطرف الأخر أو شريك رفع دعوي البطلان، أو زوجه تطلب بطلان عقد ابرمه زوجها أثناء حياته باعتبارها وارثة محتملة، لأن الميراث لا ينشأ إلا بوفاة المورث حتى لو كان لها مصلحة في ذلك.
وما هي الصفة كما حددها القانون والفقه القانوني؟ وما المصلحة المحتملة التي تمنح الشخص الصفة في الدعوى؟ وما الجزاء الذي حدده القانون على من أساء استعمال حق التقاضي لانتقاء صفته أو مصلحته في الدعوى؟ ورأي محكمة النقض في الأزمة التي قد تؤدى لرفض الدعوى من الأساس نتيجة الجهل بالقانون والمراد من مصطلح "الصفة في الدعوى
بداية يجب أن نتطرق إلى معنى "الصفة"، كما حددها القانون والفقه القانوني، وهي ولاية مباشرة الدعوى يستمدها المدعي من كونه صاحب الحق أو من كونه نائب عن صاحب الحق فإذا كان هو صاحب الحق كان له صفة المطالبة، وهنا تمتزج الصفة بشرط المصلحة الشخصية المباشرة، أما إذا كان رافع الدعوى نائب عن صاحبها، فيجب عليه إثبات صفته من تمثيل الشخص الذي ترفع الدعوى باسمه، و الدعوى لا تقبل إلا كان إذا المدعى يدعي حقا أو مركزا قانونيا لنفسه .
المشرع لم يترك الأمر مستباحا لأى شخص يقيم دعوى ضد أخر بدون صفة أو مصلحة
وهو ما حددته المادة الثالثة من قانون المرافعات حيث نصت على: "لا تقبل اي دعوى كما لا يقبل أي طلب أو دفع استنادا لأحكام هذا القانون أو أي قانون أخر، لا يكون لصاحبه فيها مصلحة شخصية ومباشرة وقائمة يقرها القانون، ومع ذلك تكفي المصلحة المحتملة إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق زوال دليله عند النزاع فيه، وتقضي المحكمة من تلقاء نفسها، في أي حالة تكون عليها الدعوى، بعدم القبول في حالة عدم توافر الشروط المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين، ويجوز للمحكمة عند الحكم بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة أن تحكم على المدعى بغرامة اجرائية اذا تبينت أن المدعى قد أساء استعمال حقه في التقاضي".
فلابد أن تتوافر المصلحة من الشخص الذي يرفع الدعوى أو يطلب شيء في الدعوى أو أن يتدخل فيها إلا إذا كان له مصلحة حتى وإن كانت مصلحة محتملة، والمصلحة المحتملة هي أنه يمكن للشخص طلب التدخل في الدعوي إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق يمكن أن يحدث أثناء سير الدعوي أو الاستيثاق لحق زال دليله عند النزاع فيه، فضلا عن وجوب ملازمة الصفة والمصلحة للمدعيين طيلة فترة التقاضى حتى يقضى فى الدعوى بحكم نهائى بات، كذا تحديد صفة المدعى عليه فى الدعوى لا يقتصر على ما جاء محددا لها فى صدر الصحيفة وفقا لحكم المادة 63 مرافعات، وإنما أيضا بما جاء بهذه الصحيفة متعلقا بموضوع النزاع وطلبات المدعى فيها ما دامت تكفى
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لهذ الأزمة في الطعن المقيد برقم 15901 لسنة 82 قضائية، والذى جاء في حيثيات: المقرر في قضاء محكمة النقض أنه ولئن كانت الصفة في التداعى أمام القضاء وفقاً لنص المادة الثالثة من قانون المرافعات المستبدلة بالقانون رقم 81 لسنة 1996 قد أصبحت من النظام العام لمحكمة النقض من تلقاء ذاتها ولكل من الخصوم والنيابة إثارتها على الرغم من عدم التمسك بها في صحيفة الطعن، وذلك عملاً بالمادة 253/3 من القانون سالف الذكر ما دامت تنصب على الجزء المطعون فيه من الحكم وكانت جميع العناصر التى تمكن من الإلمام بها مطروحة على محكمة الموضوع.
وتضيف "المحكمة": إلا أنه لما كان اختلاف اسم المطعون ضدها الأولى على النحو الذى عرضت إليه الشركة الطاعنة "من أن المطعون ضده الأولى أقامت الدعوى باسم /...... في حين أن التعاقد بشأن شقة النزاع باسم /..... "، لا يؤدى بمجرده إلى القول بأن شخصية من تعاقدت على شقة النزاع تختلف عن المطعون ضدها المذكورة التى أقامت الدعوى المبتدأة ولا يصلح للاستدلال به على انتفاء صفتها في إقامتها، ويكون هذا الدفع "بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة على غير أساس".
وفى حكم أخر لمحكمة النقض في الطعن المقيد برقم 866 لسنة 73 قضائية، جاء فيه: إذ كان المشرع قد قرر في المادة الثالثة من قانون المرافعات قاعدة أصولية تقضى بأنه لا دعوى ولا طلب ولا دفع بغير مصلحة - لما كان ذلك، وكانت الطاعنة قد عقدت خصومة الاستئناف بشخصها بعد أن انتهت مدة حضانتها قانوناً وبذات الصفة طعنت بالنقض، ومن ثم تنتفى صفتها فيها وبالتالى مصلحتها في التمسك بالإقرار الصادر من المطعون ضده لابنتيه "بالتنازل لهما عن مسكن الحضانة" دونها إذ لم تقدم أمام محكمة الاستئناف ومحكمة النقض ما يفيد نيابتها عن الصغيرتين صاحبتى الصفة والمصلحة في التمسك بالإقرار ودلالته، ويضحى النعى على الحكم في هذا الخصوص غير مقبول.
أما إذا ادعى الشخص صفة لإقامة دعوى أو ليتدخل في الدعوى وتبين للمحكمة انتفاء المصلحة أو الصفة تحكم في أي حالة كانت عليها الدعوى بعدم قبولها أو عدم قبول التدخل وأيضا بغرامة إجرائية ومن المبادئ الدستورية أن - التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلى القضاء
لا يقبل أى طلب أو دفع لا يكون لصاحبه فيه مصلحة عاجلة قائمة يقرها القانون، وهو أصل عام مسلم به، ثم استدركت فنصت على أن المصلحة المحتملة تكفى حيث يراد بالطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو استعجال الدليل والاحتياط لحفظه خشية ضياعه عند المطالبة بأصل الحق، وهذا الحكم الجديد يتيح من الدعاوى ما اختلف الرأى في شأن قبولها مع توافر المصلحة فيها، والمشروع في هذا يأخذ بما اتجه إليه الفقه والقضاء من إجازة هذه الأنواع من الدعاوى.
وعلى أساس هذه الإجازة، قد أجاز المشروع بنص صريح دعوى التزوير الأصلية، التى يطلب فيها رد ورقة لم يحصل بعد التمسك بها في نزاع على حق، كما أجاز لمن يريد وقف مسلك تهديدى أو تحضيضى مؤذيين أن يكلف خصمه الذى يحاول بمزاعمه الإضرار بمركزه المالى أو بسمعته، الحضور لإقامة الدليل على صحة زعمه فإن عجز حكم بفساد ما يدعيه وحرم من ريع الدعوى فيما بعد، على أنه يجب ألا تكون هذه المزاعم مجرد تخرصات فارغة ليس لها أثر ضار يعتد به وإلا كانت الدعوى غير مقبولة"، وهو ما يدل على أنه لأى فرد أن يرفع الدعوى التى يريد كلما كانت حاجته إلى الحماية القضائية لحق من الحقوق القانونية إما بسبب اعتداء وقع على هذه الحق بالفعل أو كان هناك مجرد تهديد جدى .
- ان تحديد صفة المدعى عليه غى الدعوى لا يقتصر على ما جاء محددا لها فى صدر الصحيفة وفقا لحكم المادة 63 مرافعات، وإنما أيضا بما جاء بهذه الصحيفة متعلقا بموضوع النزاع وطلبات المدعى فيها ما دامت تكفى للدلالة على حقيقة هذه الصفة.
- ان العبرة فى تحديد طلبات الخصم هى بما يطلب الحكم له به، وأن محكمة الموضوع لا تملك تغيير سبب الدعوى من تلقاء ذاتها، ويجب عليها الالتزام بطلبات الخصوم وعدم الخروج عليها، وإلا كان حكمها واردا على غير محل ووقع بذلك باطلا بطلانا أساسيا متعلقا بالنظام العام
الدكتور ناجي سابق # منقول#للإستفادة القانونية