لا يعذر احد بجهله للقانون

بقلم : د. ناجي سابق
عدد الزيارات: 99

لا يعذر احد بجهله للقانون

 لا يعذر بجهل القانون
في عالم اليوم، حيث تتعقد القوانين وتتنوع القواعد التنظيمية، تأتي مقولة "لا يعذر بجهل القانون" لتكون بمثابة تذكير بأهمية الإلمام بالقوانين واللوائح. هذه المقولة تعكس مبدأً قانونياً أساسياً ينص على أن الجهل بالقانون لا يمكن أن يكون مبرراً للإفلات من المسؤولية القانونية. في هذا المقال، سنتناول أصل هذه المقولة، مفهومها، وكيفية تطبيقها في أمثلة واقعية.
أصل مقولة "لا يعذر بجهل القانون"
ترتكب العديد من الأفراد والأعمال الأخطاء بسبب جهلهم بالقوانين السارية. لذا، نجد أن النظام القانوني في معظم البلدان يتبنى مبدأ "لا يعذر بجهل القانون" لتفادي الفوضى وإرساء العدالة. هذا المبدأ يعود إلى أصول قانونية قديمة، ويظهر في مختلف الأنظمة القانونية حول العالم.
•أصول المبدأ:
1. القانون الروماني: يعود أصل هذا المبدأ إلى القانون الروماني القديم، حيث كان يُعتبر أن كل شخص مكلف بمعرفة القوانين التي تحكمه، وبالتالي فإن الجهل بالقانون لا يعفي من المسؤولية.
2. القانون الإنجليزي: في القانون الإنجليزي، يُعتبر هذا المبدأ جزءاً من مبادئ العدالة، ويُدعى إلى أنه "لا أحد يُعذر بجهل القانون" (Ignorance of the law is no excuse). هذا المبدأ يعزز فرضية أن المعرفة بالقانون ضرورية لضمان تطبيق العدالة.
3. القانون الإسلامي: في الفقه الإسلامي، يعتبر الجهل بالقوانين التي ينظمها الشريعة لا يُعفي من المسؤولية، حيث يُفترض أن الناس يجب أن يكونوا على دراية بالتعليمات والشرائع التي تحكمهم.
• مفهوم المبدأ
المبدأ الأساسي لمقولة "لا يعذر بجهل القانون" هو أن جميع الأفراد يُفترض أنهم على علم بالقوانين التي تنظمهم، وهذا يشمل قوانين الدولة، القوانين المحلية، والأنظمة الخاصة. وهذا يعني أن الجهل بالقانون لا يمكن أن يُستخدم كذريعة لتجنب العقوبات أو المسؤوليات القانونية.
• الأسباب الرئيسية لتطبيق المبدأ تشمل:
1. الحفاظ على النظام والعدالة: إذا تم قبول جهل القانون كعذر، فإن ذلك قد يؤدي إلى فوضى قانونية ويصعب فرض النظام.
2. تشجيع الأفراد على التثقيف القانوني: هذا المبدأ يشجع الأفراد والشركات على بذل الجهد لفهم القوانين والامتثال لها.
3. تسهيل تطبيق القوانين: من خلال افتراض أن الجميع يعرفون القوانين، يُسهل تطبيق العدالة وتوجيه العقوبات المناسبة.
• أمثلة توضيحية لتطبيق المبدأ:
1. مثال في السياقة: لنفترض أن شخصاً يقود سيارته بسرعة تتجاوز الحدود المقررة، ويقوم بإلقاء اللوم على جهلهم بالحد الأقصى للسرعة المسموح بها. في هذه الحالة، لا يُقبل عذره، حيث يُفترض أن كل سائق على دراية بقوانين المرور وأنه مسؤول عن الالتزام بها. قوانين المرور محددة بوضوح، والجهل بها لا يُعفي من الغرامات أو العقوبات المقررة.
2. مثال في العمل: شركة تُرتكب مخالفات في قوانين العمل، مثل عدم دفع الأجور في الوقت المحدد. إذا ادعت الشركة أنها لم تكن على علم بالقوانين التي تفرض دفع الأجور في مواعيد محددة، فإن هذا الجهل لا يُعفى من المسؤولية. القوانين العمالية تنص بوضوح على حقوق العمال، ومن واجب الشركات الاطلاع عليها والامتثال لها.
3. مثال في الضرائب: مواطن يتهرب من دفع الضرائب بحجة عدم معرفته بالقوانين الضريبية المعمول بها. في الواقع، من المفترض أن يكون الأفراد على دراية بواجباتهم الضريبية، وإذا لم يمتثلوا، فإنهم يواجهون عقوبات وغرامات. الجهل بالقوانين الضريبية لا يُعفي من المسؤولية، ويُتوقع من الجميع فهم والتزام قواعد الضرائب.
4. مثال في العقوبات الجنائية: مجرم يرتكب جريمة ويُدعى أنه لم يكن على علم بأن الفعل الذي ارتكبه يُعد جريمة. في معظم النظم القانونية، هذا العذر لا يُقبل، حيث يُفترض أن جميع الأفراد على دراية بالقوانين الجنائية. حتى إذا لم يكن الشخص يعرف أن فعله غير قانوني، فإن القانون يعامل الجميع على قدم المساواة.
التحديات والانتقادات
رغم أن مبدأ "لا يعذر بجهل القانون" يعزز النظام والعدالة، إلا أنه يواجه بعض التحديات والانتقادات. أحد هذه الانتقادات هو أن القوانين يمكن أن تكون معقدة ومتغيرة، مما يجعل من الصعب على الأفراد العاديين متابعة جميع التعديلات والتفاصيل القانونية.
•  الحلول المقترحة للتغلب على هذه التحديات تشمل:
1. التثقيف القانوني: توفير برامج تعليمية للمجتمع حول القوانين الأساسية التي تؤثر على حياتهم اليومية.
2. تبسيط القوانين: العمل على تبسيط النصوص القانونية وتقديمها بلغة واضحة وسهلة الفهم.
3. إتاحة الموارد القانونية: ضمان وصول الأفراد إلى الاستشارات القانونية والمعلومات التي تساعدهم على فهم حقوقهم وواجباتهم.
في الخلاصة  "لا يعذر بجهل القانون"  هو مبدأ أساسي في النظم القانونية التي تسعى إلى تحقيق العدالة والنظام. رغم تعقيد القوانين وتغيرها، فإن الجهل بالقانون لا يمكن أن يُعفى من المسؤولية. من خلال تعزيز التثقيف القانوني وتبسيط النصوص، يمكن أن نساعد الأفراد على فهم القوانين والامتثال لها بشكل أفضل.
المستشار الدكتور ناجي سابق # الدكتور ناجي سابق # لا يعذر احد بجهله القانون # الجهل بالقانون 


قنوات التواصل

مسقط ، سلطنة عمان

naji.sabek@hotmail.com

+9613606501