لكن عندما تصبح العلاقات سامة ومزعجة وسلبية ولو حتى مع اقرب الناس الينا - بإستثناء الام والاب - يكون التخلي واجبا" و ليس ضعفًا، بل هو قمة الشجاعة والنضج. أن تترك شيئًا كنتَ تعتبره جزءًا منك، لأنك أدركتَ أنه لم يعد يخدمك، هو بحد ذاته انتصارٌ على التعلّق الزائف والخوف من المجهول.
التخلي عن أشخاص استنزفوا روحك، وعن أماكن لم تعد تليق بأحلامك، وعن أفكار لم تعد تعبّر عن حقيقتك، هو خطوة نحو ذاتك الجديدة، نحو وعيك الأكثر نضجًا ووضوحًا.
ليس كل تمسّك بطولة، فأحيانًا يكون التراجع حكمة، والرحيل قوة، وترك الأشياء التي تؤذينا هو أعظم انتصار على الذات.
من يملك الشجاعة ليقول: "يكفي"، هو من يفتح لنفسه أبواب الفرص الجديدة، وهو من يمنح ذاته الحرية الحقيقية.
التخلي ليس خسارة، بل هو امتلاكٌ للنفس، وهو الدليل الأكبر على أنك لم تُخلق لتُقيَّد، بل خُلقتَ لتَحيا
الغني من استغنى
ليس الغني من يملك المال، ولا من يتكدس في حساباته الذهب والعقارات، بل الغني هو من استغنى. الغنى الحقيقي ليس كثرة الممتلكات، بل هو التحرر من الحاجة والاعتماد على الغير، والاكتفاء بما يكفي النفس دون جشعٍ أو طمع.
تجدر الاشارة الى ان هناك إنسانٍ يملك المال لكنه يعيش أسيرًا له، يلهث خلف المزيد دون أن يشعر بالاكتفاء، وكم من شخصٍ بسيطٍ لا يملك إلا القليل، لكنه يعيش مطمئنًا لأنه لا يحتاج إلى أكثر مما يسد حاجته؟ الغنى ليس رقماً في الحساب، بل هو شعورٌ بالامتلاء الداخلي، بعدم الارتهان للأشياء أو التعلق بها حد العبودية.
الاستغناء عن التعلق.. قمة الحرية
الذي يستغني عن الحاجة لإرضاء الآخرين، يحيا حراً. الذي يستغني عن مقارنة نفسه بغيره، يعيش مرتاح البال. الذي يستغني عن التمسك بالماضي، يتقدم نحو مستقبله بخطواتٍ ثابتة. فالاستغناء ليس فقدانًا، بل هو انتصارٌ على التعلق والقلق والخوف.
الاستغناء عن الأشياء.. امتلاكٌ للنفس
نعيش في عالمٍ يُقنعنا أن السعادة في امتلاك المزيد، لكننا نكتشف في النهاية أن القليل يكفي، بل ويمنحنا راحةً أكثر. من ظن أن الغنى في كثرة الممتلكات، سيبقى فقيراً مهما امتلك، لأن حاجته لن تنتهي. أما من استغنى عن المظاهر والرفاهية الزائفة، فقد ملك نفسه ووقته وراحته.
الاستغناء عن التوقعات.. طريقٌ للسلام الداخلي
من يعيش متحررًا من التوقعات، لا تُحبطه الخيبات، ولا تُرهقه الحسابات. الذي ينتظر شيئًا من الناس سيظل أسيرًا لتصرفاتهم، لكن من استغنى عن ذلك، لن يخذله أحد، ولن تؤذيه خيانة، ولن يصدمه نكران. الغنى هنا هو أن تكون أنت مكتفيًا بذاتك، لا تحتاج إلى تصفيقٍ ولا إلى اعترافٍ ولا إلى تقديرٍ من أحد.
الغني حقًا.. هو من لا يحتاج إلا إلى الله
حين يصل الإنسان إلى مرحلة الاستغناء عن كل شيء إلا عن الله، يكون قد بلغ أعلى درجات الغنى. من وجد الله، وجد الكفاية، وجد العزّة، وجد الراحة، ولم يعد يحتاج إلى أحد. فمن توكل عليه، كفاه، ومن استغنى به، أغناه.
في النهاية، الغنى ليس في الجيوب، بل في القلوب.
وعليه فمن ترك ملك والغني من استغنى ليبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام هو المعين الرحمن الرحيم وهو على كل شيئ قدير .
الدكتور ناجي سابق # من ترك ملك # الغني من استغنى #
.