لا تزر وازرة وزرى اخرى
أن المكلفين إنما يجازون بأعمالهم إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، وأنه لا يحمل أحدٌ خطيئةَ أحد ولا جريرتَه، ما لم يكن له يدٌ فيها، وهذا من كمال عدل الله تبارك وتعالى وحكمته.
ولعل الحكمة من التعبير عن الإثم بالوزر؛ لأن الوزر هو الحمل ـ وهو ما يحمله المرء على ظهره ـ فعبر عن الإثم بالوزر لأنه يُتَخّيَلُ ثقيلاً على نفس المؤمن(2).
بأنه لا تحمل نفس آثمة إثم نفس أخرى، ولا يحمل أحد ذنب غيره، وما من أحد يخفِف حمل أحد. فكل نفس اكتسبت إثماً جراء معصية قامت بها، لذلك فكل نفس تحمل وزرها وذنبها ولا تحمل وزر وذنب نفس أخرى. حتى الأم فلا يستطيع الابن أن يحمل عنها ذنباً واحداً.
وقوله : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) أي : يوم القيامة ، ( وإن تدع مثقلة إلى حملها ) أي : وإن تدع نفس مثقلة بأوزارها إلى أن تساعد على حمل ما عليها من الأوزار أو بعضه ، ( لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى ) ، أي : ولو كان قريبا إليها ، حتى ولو كان أباها أو ابنها ، كل مشغول بنفسه وحاله
فإن العدل للنفس مهم وواجب أيضا، وذلك معناه ألا نرتكب حماقات من أجل الآخرين، حتى لو كانوا أقاربنا وأهلنا، لأننا فى النهاية سنتحمل الإثم وحدنا، فمن المعانى الأساسية لـ "لا تزر وازرة وزر أخرى" أن العدل – الذى ننشده جميعا - سيجعلنا نحمل ما ارتكبناه من أوزار وذنوب وحدنا، ولن يحمل أحد معنا شيئا، ولو طلبنا ذلك فلن يستجاب لنا، حتى أولئك الذين فعلنا الأخطاء من أجلهم لن نجدهم أيضا، إذن من باب أولى أن نحمى أنفسنا، ونلجأ إلى العدل فهو الوحيد الذى يصل بنا إلى بر الأمان.
الأصل في الشريعة والقانون بأن المسؤولية فردية أو شخصية كقاعدة عامة، وبناء على هذا الأصل يكون الشخص مسؤول عن أعماله فقط وليس له علاقة بالأعمال الضارة التي يحدثها الغير، وبالتالي لا ضمان عليه فيها ويستدل على هذا بقوله الله عز وجل (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى).
في الخلاصة لا تحمل نفس آثمة إثم نفس أخرى، ولا يحمل أحد ذنب غيره، وما من أحد يخفِف حمل أحد. فكل نفس اكتسبت إثماً جراء معصية قامت بها، لذلك فكل نفس تحمل وزرها وذنبها ولا تحمل وزر وذنب نفس أخرى. حتى الأم فلا يستطيع الابن أن يحمل عنها ذنباً واحداً.
فلا يحمل أحد خطيئة غيره، ولا يجازي أحد بعمل غيره، ولا تؤخذ نفس بذنب غيرها... والنفس تأثم بإثمها وعليه تعاقب ولا تعاقب بإثم غيرها.
وبعد: فهذه الآية الكريمة لأهميتها قد وردت في القرآن الكريم أربع مرات: وردت في سورة الأنعام الآية 164 وفي سورة الاسراء الآية 15 وفي سورة الزمر الآية7 وفي سورة النجم الآية38.
فعلينا أن نسعى جادين في حياتنا الدنيا ونسعى لأنفسنا فليس للإنسان الا عمله وسعيه ليصل الى ثواب العمل الصالح ويبتعد عن الذنوب والآثام التي توصله الى سوء العاقبة فلن يحمل أحد عن غيره سوء عمله وذنبه.
اللهم قد بلغت اللهم فاشهد.
المستشار القانوني الدكتور ناجي سابق# المحكم الدكتور ناجي سابق# د.ناجي سابق