الحصانات والضمانات القانونية للمواطن والقاضي والمحامي والمحكم

بقلم : د. ناجي سابق
عدد الزيارات: 8

الحصانات والضمانات القانونية للمواطن والقاضي والمحامي والمحكم

الحصانات القانونية والضمانات القضائية: دراسة في ضوء القانون والإعلان العالمي لحقوق الإنسان

بقلم: المستشار الدكتور ناجي سابق
قاضٍ ومحكم دولي في التحكيم التجاري، وعقود الاستثمار والإنشاءات

يشكل مفهوم الحصانة في العمل القضائي أحد الأركان الأساسية والجوهرية لضمان استقلال السلطة القضائية . كما يشكل احترام حقوق المتقاضين حجر الزاوية في تحقيق العدل بين الناس .  ولأن العدل لا يكتمل إلا بالتوازن بين حماية من يمارس الوظيفة القضائية وضمان حق كل مواطن في التقاضي العادل، فقد أولت النظم القانونية والدولية أهمية بالغة لكل من الحصانات والضمانات.
وفي هذا الإطار نتناول حصانات وضمانات جناحي العمل القضائي - القضاة والمحامين -  حصانة القاضي (جزائيًا ومدنيًا وإداريًا)، وحصانة المحامي، كذلك حصانة المحكّم - القاضي الخاص -أمام الأطراف والقضاء، وحقوق وضمانات  المواطن الجوهرية  أمام القضاء وفق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
ولا بد من الاشارة الى ضرورة احترام الضمانات القانونية الضرورية امام من يقوم بإجراء التحقيقات الاولية  الاستدلالية من قبل الضابطة العدلية  والتحقيقات القضائية  من ضمنها حق السكوت وطلب محام وطلب مترجم والعرض على طبيب والاتصال بالاهل وابلاغهم عن مكان وسبب التوقيف وذلك لضمان عدم حصول اي تجاوزات قانونية تمس بإنسانية الانسان امام كافة المراجع الامنية والعسكرية والقضائية وذلك اثباتا" للحق وصونا" للعدالة .

أولًا: حصانة القاضي الجزائية والمدنية والإدارية

1. الحصانة الجزائية

يُمنع ملاحقة القاضي جزائيًا عما يصدر عنه أثناء أدائه لعمله القضائي، كالقرارات والأحكام، ما لم يرتكب جريمة منصوص عليها كالرشوة أو التزوير. وفي غالب النظم، يشترط الحصول على إذن مسبق من مجلس القضاء الأعلى أو جهة مماثلة قبل تحريك أي دعوى جزائية ضده، وهو ما يضمن استقلاله ويمنع الكيدية.

2. الحصانة المدنية

لا يُسأل القاضي مدنيًا عن نتائج قراراته وأحكامه، حتى وإن تسببت في ضرر لأحد الخصوم، ما دام قد مارس سلطته وفق القانون. ولا تتحمل الدولة المسؤولية عن أخطاء القاضي إلا في حال الخطأ الجسيم أو الغدر أو التدليس، وفي حالات نادرة ينص عليها القانون.

3. الحصانة الإدارية

لا يجوز نقل القاضي أو عزله أو اتخاذ إجراء إداري بحقه إلا وفق قواعد تضمن استقلاله، وتخضع هذه الإجراءات لإشراف مجلس القضاء، ويُعطى القاضي الحق في الطعن والتظلم من أي قرار إداري قد يؤثر على موقعه أو استقلاله.

> ✦ هذه الحصانات ليست امتيازًا شخصيًا، بل وسيلة لحماية الوظيفة القضائية من الضغط والتأثير الخارجي.

ثانيًا: حصانة المحامي في القانون

1. الأساس القانوني

نصّت أغلب التشريعات على حماية المحامي أثناء تأديته لواجبه المهني، انطلاقًا من دوره الجوهري في تحقيق العدالة وحماية الحقوق.

2. الحرية في الدفاع

لا يُسأل المحامي جزائيًا أو مدنيًا عن أقواله ومرافعاته الشفهية أو المكتوبة أثناء الدفاع، ما لم تتضمن إساءة صريحة كالقذف العلني أو اتهام كاذب. وبهذا يتمتع المحامي بحصانة وظيفية محدودة في قاعات المحاكم.

3. الحصانة ضد التفتيش والتوقيف

يجب إشعار نقابة المحامين عند اتخاذ أي إجراء قانوني ضد المحامي - اخذ الاذن برفع الحصانة - يحيت لا  يجوز تفتيشه أو توقيفه بسبب عمله إلا بإذن مسبق من النيابة العامة - وعلم نقابة المحامين واشرافها وحضور احد مندوبيها - وفي إطار احترام الضمانات المهنية.
علما" ان الحالة الوحيدة التي يجوز فيها تفتيش  وتوقيق المحامي هي حالة الجرم المشهود وفقا" للاصول القانونية . 

 الحصانة  هي حماية قانونية لتمكين المحامي من أداء وظيفته في مناخ من الاستقلالية والحرية بعيدا" عن الضغوط والوساطات وتدخلات اصحاب النفوذ السلطوي والمالي

ثالثًا: حصانة المحكم أمام الأطراف والقضاء

1. الطبيعة القانونية للمحكّم
المحكّم شخص طبيعي أو معنوي يُمنح سلطة اتفاقية اجرائية قضائية من اجل  الفصل في نزاع باتفاق الأطراف للوصول الى حسم النزاع ضمن مهلة وقتية معينة واصدار حكم التحكيم النهائي  ويُعتبر قاضيًا خاصًا غير تابع للسلطة القضائية الرسمية.

2. حصانة أمام الأطراف

يتمتع المحكّم بحصانة مدنية تحول دون مطالبته بالتعويض عن قراراته، إلا إذا ثبت أنه ارتكب تدليسًا أو غشًا أو خطأ جسيمًا في إدارة إجراءات التحكيم. وتؤكد أغلب قوانين التحكيم، ومنها القانون العماني، على هذه الحماية.

3. حصانة أمام القضاء

لا يجوز مساءلة المحكّم جنائيًا عن قراراته إلا في حال ارتكاب جرم، كالرشوة أو التزوير ، ويتم ذلك وفق إجراءات قانونية دقيقة من خلال شكوى مباشرة امام القضاء المختص ، كذلك يحق ذلك للمحكم في  رفع دعوى قضائية لملاحقة من يريد اذيته ماديا" او معنويا" وهو يعتبر نفسه قد قام بواجبه كاملا" وفق لاتفاق الاطراف .
كذلك  يجوز الطعن في قراراته فيكون عبر دعوى البطلان وليس عبر مساءلته الشخصية وذلك عن الخطأ اوالضرر الجسيم والمقصود 

وعليه فالغاية من حصانة المحكّم هي تمكينه من أداء وظيفته القضائية  بأمان  واطمئنان دون خوف من الملاحقة أو الانتقام من أحد أطراف النزاع او وكلائهم القانونيين وقد يحصل ذلك للضغط على المحكم بالترغيب والترهيب 

رابعًا: ضمانات وحقوق المواطن أمام القضاء وفق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

يُعد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمدته الجمعية العامة للامم المتحدة في 10-12- 1948 حجر الأساس في المنظومة الحقوقية الدولية، وقد نص على مجموعة من الحقوق القضائية من أبرزها:

1. الحق في المساواة امام القانون مع التمتع بالحماية المتكافئة.
وذلك وفقا" لنص المادة (7) فالناسُ جميعًا سواءٌ أمام القانون، وهم يتساوون في حقِّ التمتُّع بحماية القانون دونما تمييز، كما يتساوون في حقِّ التمتُّع بالحماية من أيِّ تمييز ينتهك هذا الإعلانَ ومن أيِّ تحريض على مثل هذا التمييز.
2- الحق في التقاضي المنصف واللجؤ الى المحاكم الوطنية.
لفقد حددت المادة( 8) ان لكلِّ شخص حقُّ اللجوء إلى المحاكم الوطنية المختصَّة لإنصافه الفعلي من أيَّة أعمال تَنتهك الحقوقَ الأساسيةَ التي يمنحها إيَّاه الدستورُ أو القانونُ

3- الحق في حرية الحركة وعدم التوقيف او الحجز او القاء القبض او النفي تعسفيا".
حيث نصت المادة( 9) على لا يجوز اعتقالُ أيِّ إنسان أو حجزُه أو نفيُه تعسُّفًا.

4- الحق في المثول والادعاء امام محكمة مستقلة نزيهة عادلة علنية.
فقد نصت المادة( 10) على انه 
لكلِّ إنسان، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، الحقُّ في أن تَنظر قضيتَه محكمةٌ مستقلَّةٌ ومحايدةٌ، نظرًا مُنصفًا وعلنيًّا، للفصل في حقوقه والتزاماته وفى أيَّة تهمة جزائية تُوجَّه إليه.

5- الحق في تطبيق قرينة البراءه حتى اثبات العكس ، حيث ان المتهم بريء الى ان تثبت إدانته قانونا" بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه تطبيقا" لنص المادة (11-1)

6- الحق في تطبيق مبدأ الشرعية الجنائية ، قانونية الجرالم والعقوبات حيت انه لا جريمة ولا عقوبة بدون نص حيت حدد ت الفقرة 2 من المادة( 11 ) انه لا يُدان أيُّ شخص بجريمة بسبب أيِّ عمل أو امتناع عن عمل لم يكن في حينه يشكِّل جُرمًا بمقتضى القانون الوطني أو الدولي، كما لا تُوقَع عليه أيَّةُ عقوبة أشدَّ من تلك التي كانت ساريةً في الوقت الذي ارتُكب فيه الفعل الجُرمي.

7- الحق في حماية القانون من التعسف حيت نصت المادة (12) على انه لا يجوز تعريضُ أحد لتدخُّل تعسُّفي في حياته الخاصة أو في شؤون أسرته أو مسكنه أو مراسلاته، ولا لحملات تمسُّ شرفه وسمعته. ولكلِّ شخص حقٌّ في أن يحميه القانونُ من مثل ذلك التدخُّل أو تلك الحملات.

في الختام إن التكامل بين الحصانات الممنوحة للقضاة والمحامين والمحكمين، والضمانات المقررة للمواطنين أمام القضاء، يشكل ضمانة حقيقية لتحقيق العدالة. فالحصانة القضائية لا تعني الإفلات من المحاسبة، كما أن ضمانات التقاضي لا تعني الإضرار بهيبة القضاء.
وفي ظل تطور مفاهيم حقوق الإنسان، فإن الحاجة ملحة لتعزيز هذه المفاهيم بالتشريع والتطبيق، بما يحقق التوازن الدقيق بين حماية العدالة وحماية الحقوق خاصة ان جميع الناس يولدون احرارا" متساوين في الكرامة والحقوق ،وقد وهبوا عقلا" وضميرا" ، وعليهم ان يعامل بعضهم بعضل" بروح الإخاء.
 
المستشار الدكتور ناجي سابق# المحكم ناجي سابق #المحامي#القاضي# الدكتور ناجي سابق# المحقق# الحصانة #


قنوات التواصل

مسقط ، سلطنة عمان

naji.sabek@hotmail.com

+9613606501