الاعتراض القانوني في التحكيم
لقد نصت المادة (٨) من قانون التحكيم في المنازعات المدنية والتجارية في سلطنة عمان على انه "إذا استمر أحد طرفي النزاع في إجراءات التحكيم مع علمه بوقوع مخالفة لشرط في اتفاق التحكيم أو لحكم من أحكام هذا القانون مما يجوز الاتفاق على مخالفته ولم يقدم اعتراضا على هذه المخالفة في الميعاد المتفق عليه أو خلال ستين يوما من تاريخ العلم عند عدم الاتفاق، اعتبر ذلك نزولا منه عن حقه في الاعتراض".
وبقراءة دقيقة لنص هذه المادة يتبين انه على اطراف الدعوى التحكيمية التنبه لأي اجراء من اجراءات التحكيم بما يقوم به الخصم او بما تقوم بها هيئة التحكيم او المحكم الفرد وعدم مرور هذا الاجراء دون دراسته وبيان مدى مفاعيله وآثاره القانونية خاصة اذا كان هذا الاجراء مرتبطا" بشكل وثيق بحكم التحكيم المنهي للخصومة .
لذلك يجب الانتباه ودراسة الاجراء بدقة وتحليله وربطه بالنتائج النهائية لحكم التحكيم وهذا ما يأخذنا الى ربطه المباشر بالمادة (٥٣) من نفس القانون التي تحدد حصرية حالات البطلان ومدى تأثرها به وبيان الاعتراض على هذا الاجراء من عدمه لأنه اذا استمرت اجراءات التحكيم دون الاعتراض على شيئ مخالف للقانون او لحكم التحكيم او لاتفاق التحكيم -شرط او مشارطة -مع العلم بوقوع المخالفة دون الاعتراض عليه بشكل قانوني بموجب كتاب اعتراض واضح يقدم لهيئة التحكيم وذلك خلال ميعاد محدد-ستين يوما"- من تاريخ العلم عند عدم الاتفاق يعتبر ذلك بمثابة موافقة ضمنية على صحة الاجراء لعدم تقديم الاعتراض في حينه وبالتالي فهو تنازلا" واضحا" عن حق الاعتراض على المخالفة القائمة.
تجدر الاشارة الى ان هذه المادة الخاصة بحق الاعتراض في مهلة محددة والتنازل عن هذا الاعتراض جاءت لتأكد على ضرورة استقرار المعاملات والاجراءات القانونية من اجل سرعة الحسم في حكم التحكيم المنهي للنزاع بالاضافة الى اعطاء التوازن بين حق الاعتراض واستمرار الاجراءات وهذا ما يحمل المحكم او هيئة التحكيم عبء صحة الاجراءات المتخذة من قبلها وعدم وجود سوء نية متعمد لا سمح الله في اي اجراء تقوم به يعرضها لعدم الاستقلالية او الحيادية بين الاطراف .لذلك علينا المراقبة والتفتيش عن المصلحة والنتائج المرجوة من اي اجراء في مسار الدعوى التحكيمية .
عليه لا بد من الاشارة الى ضرورة التنبه الى القواعد القانونية والفقهية التي تحكم مثل هذه الاجراءات والتي تكون مرتبطة بالخصوم حيث " من استوفى حقه لا يسمع اعتراضه"" ومن رضي بالحكم لا يحق له الاعتراض عليه"
كذاك اكدت على ذلك قاعدة الاستوبل وهي قاعدة قانونية مأخوذة من القانون الانكليزي وتستخدم في القانون المدني حيت لا يجوز للخصم ان يناقض نفسه ولا يجوز انكار ما سبق ان تم على يديه ووافق عليه.
وهو ايضا" ما اكدته القاعدة الفقهية الشرعية" انه من سعى في نقض ما تم من جهته فسعيه مردود عليه" وهذا ما يؤكد عدم اجازة الطلب وبالتالي التنازل عن الاعتراض من خلال الموافقة المسبقة على صحة الاجراء والاقرار بصوابيته .
في كل الاخوال اعطى المشرع من خلال هذه المادة الحق بالاعتراض لطرفي الدعوى التحكيمية في حال وجود اي مخالفة لكنه اعطى اجراءات التحكيم وسرعة الفصل بين المتنازعين واستقرار المعاملات الحق في استمرار الاجراءات اذا لم يتم الاعتراض في مهلة الستين يوما" من تاريخ العلم بالموضوع وبذلك يكون الحق مقيدا" بمهلة زمنية لا يجوز تجاوزها والا اعتبر ذلك تنازلا" عن الحق بالاعتراض وقبولا" بصحة الاجراء المخالف.
بقلم المستشار الدكتور ناجي سابق# د.ناجي سابق # المحكم ناجي سابق# دروس ومحاضرات في التحكيم # قانون التحكيم العماني#الاعتراض في التحكيم# التنازل عن الاعتراض في التحكيم