قابلية النزاع للتحكيم
الأصل أن تكون كافة المنازعات من اختصاص قضاء الدولة باعتبار القضاء مظهراً من مظاهر سيادتها. ولذلك نجده يقيد مجال التحكيم في المنازعات المدنية والتجارية دون الجزائية. وحتى في إطار المنازعات الأولى فإنه يحصره في المنازعات القابلة للصلح التي لا تتعلق بالنظام العام. حيث يبسط ولاية القضاء العام عليها باعتباره حارس النظام العام. وعليه فإن القاعدة أن كافة المسائل التي يجوز فيها الصلح يجوز فيها التحكيم
ولذلك نجد نص المادتين (762 و 765) من قانون اصول المحاكمات المدنية اللبناني صريحاً في انحصار التحكيم داخل إطار المنازعات القابلة للصلح.
وإذا كان الأصل أن الصلح جائز في كل الأمور إلا أنه لا يجوز في بعضها، كالمنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية كالزواج، والطلاق، والمسائل الجنائية، والأموال العامة أو الحقوق الشخصية التي لا تعد مالاً بين الناس والواقع أنه يكفي القول بعدم جواز التحكيم في المنازعات المتعلقة بالنظام العام وأعمال السيادة. وبالتالي لا يحق للمحكم مخالفة قواعد النظام العام، وليس من الصعب مراقبته في هذا الصدد، إذ أن قرار منح الصيغة التنفيذية التي يحتاج إليها القرار التحكيمي لكي يكون سنداً تنفيذياً لا يجوز لقاضي الدولة منحه لهذا القرار إذا كان هناك مخالفة للنظام العام، كما أن الطعن بالاستئناف أو بالإبطال في القرار التحكيمي أمام قضاء الدولة يمكنه أن يستند إلى مخالفة هذا القرار لقاعدة تتعلق بالنظام العام.
لكن القاعدة الأساس في المواد القابلة للتحكيم في الاتفاق بنداً كان أم عقداً تحكيمياً لا يصح إلا بشأن نزاع قابل للصلح. وهذا ما جاء أيضاً في قانون الموجبات والعقود اللبناني أنه لا تجوز المصالحة على الأمور المختصة بالأحوال الشخصية أو النظام العام ولا على الحقوق الشخصية وإنما تجوز على مصلحة ماليه عن أمر يتعلق بالأحوال الشخصية أو عن إحدى الجرائم.
وعليه نتساءل هل يمكن إبطال اتفاق التحكيم قبل أن يصدر القرار التحكيمي، أو قبل أن تنعقد المحاكمة التحكيمية لكون المنازعة التي يتضمنها هذا الاتفاق تتعلق بالنظام العام؟ الجواب حتماً بنعم لأنه في ظل التشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية الخاصة بالتحكيم وردت نصوص واضحة وصريحة بأن مخالفة النظام العام هو سبب جوهري للإبطال، كما يعتبر النظام العام استثناء من الإعفاء للمحكم المطلق، إضافة إلى أنه أحد أهم أسباب رفض إعطاء الصيغة التنفيذية إذا كان القرار التحكيمي مخالفاً للنظام العام.
أولاً - المنازعات التي يوجد نص خاص على تعلقها بالنظام العام
ينطبق ذلك على الأحوال الشخصية. وعلى الحقوق الشخصية التي لا تعد مالاً بين الناس وهي حقوق لا يمكن أن تكون محلاً للتعاقد ومن ثم لا يمكن أن ينعقد بشأنها تحكيم لكونه يتأسس على اتفاق مثل الحقوق الشخصية، والحق المعنوي للمؤلف والحقوق المتعلقة بالحريات الشخصية، والأموال الموقوفة وعلى حق النفقة أياً كان مصدره وعلى الحقوق الإرثية قبل اكتسابها.
ثانياً- المنازعات التي تتعلق بالنظام العام دون نص خاص على ذلك
المنازعات التي تحكمها قواعد آمرة وهي: المنازعات المتعلقة بأشخاص القانون العام كالدولة والبلديات والمؤسسات العامة ذات الطابع الإداري إلا إذا كان التحكيم دولياً. كذلك المنازعات الجزائية حتى ولو كان تحريك الدعوى العمومية موقوفاً على شكوى المتضرر أو كان التنازل عن الشكوى يسقط الدعوى والمنازعات المتعلقة بالإفلاس. ومنازعات العمل الفردية
ثالثاً - المنازعات التي تتعلق مباشرة بمخالفة النظام العام
أن يكون اتفاق التحكيم متعلقاً بعقد أو عملية هي بذاتها غير مشروعة وأن يكون موضوع النزاع متعلقاً مباشرة بهذه المخالفة.
خلاصة القول أن المقصود بقابلية التحكيم جميع النزاعات التي تصلح لأن تكون محلاً للتحكيم، وبعبارة أدق أن كافة المسائل التي يجوز فيها الصلح يجوز فيها التحكيم شرط أن لا تكون مخالفة للنظام العام.
وقد نصت كذلك المادة(11) من قانون التحكيم في المنازعات المدني والتجارية في سلطنة عمان على انه" لا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح " وهذا نص صريح يمنع التحكيم في المواضيع الجزائية بإعتبار ان هناك حق عام للدولة لا يجوز التصالح عليه او التنازل عنه كما لا يجوز التحكيم في الامور والاحوال الشخصية لانها مرتبطة بحقوق شخصية سرية بين اطرافها اضافة الى انها اشياء عائلية لها خصوصية لا يجوز الصلح فيها الا بشروط خاصة جدا".
عليه فالقاعدة الاساسية في التحكيم الوطني او الدولي هي ما يجوز فيه الصلح يجوز فيه التحكيم ،ولا بد ان يكون اتفاق التحكيم مكتوبا" - اذا تضمنه محرر وقعه الطرفان او اذا تضمنه ما تبادله الطرفان من رسائل او برقياتاو غيرها من وسائل الاتصال المكتوبة - تحت طائلة البطلان .
تجدر الاشارة الى انه لا يجوز الاتفاق على التحكيم الا للشخص الطبيعي او الاعتباري الذي يملك حق التصرف في حقوقه كالمدير المفوض المطلق .
المستشار التدكتور ناجي سابق # التحكيم التجاري# ما يجوز فيه الصلح يجوز فيه التحكيم # المحكم ناجي سابق # التحكيم # اتفاق التحكيم #
.