رد المحكم وعزله وتنحيته في قانون التحكيم العماني والقوانين المقارنة في مجلس التعاون الخليجي

بقلم : د. ناجي سابق
عدد الزيارات: 12

رد المحكم وعزله وتنحيته في قانون التحكيم العماني والقوانين المقارنة في مجلس التعاون الخليجي

ردّ المحكم واستبداله في قانون التحكيم العُماني دراسة مقارنة مع أنظمة التحكيم في دول مجلس التعاون الخليجي

يشكل مبدأ حياد المحكم واستقلاله أحد الاركان الأساسية في منظومة التحكيم الوطني والدولي على حد سواء، ويُعد الضمانة الأولى لثقة أطراف النزاع في العدالة الخاصة القائنة على اختيار اطراف النزاع للقضاة الذين سيحسمون النزاع بشكل نهائي. 
وقد تناول قانون التحكيم العُماني في المواد (18-21) الضوابط الناظمة لردّ المحكم واستبداله، بما ينسجم مع المبادئ المستقرة في القواعد النموذجية (كالقانون النموذجي للأونسيترال) ومعظم التشريعات الخليجية.

تهدف هذه الدراسة إلى تحليل هذه النصوص من الناحية القانونية، واستقراء أوجه التلاقي والاختلاف مع نظيراتها في أنظمة التحكيم في دول الخليج، كالسعودية، الإمارات، الكويت، البحرين وقطر.

أولًا: ردّ المحكم وفقًا للمادة (18) من القانون العُماني

تنص المادة (18) على ما يلي:

> 1. لا يجوز رد المحكم إلا إذا قامت ظروف تثير شكوكًا جدية حول حيدته أو استقلاله.

2. لا يجوز لأي من طرفي التحكيم رد المحكم الذي عيّنه أو اشترك في تعيينه، إلا لسببٍ تبين بعد التعيين.

يُفهم من ذلك أن المشرع العماني قد تبنى ذات المعايير المتبعة دوليًا، حيث يشترط قيام ظروف جوهرية لا مجرد احتمالات أو تصورات شخصية. كما اشترط أن يكون سبب الرد قد نشأ بعد التعيين، وهو ما يتفق مع القانون النموذجي.

● مقارنة خليجية:

القانون الإماراتي (المادة 15 من قانون التحكيم الاتحادي رقم 6 لسنة 2018): اعتمد ذات المعيار، مع تأكيد على الإفصاح المسبق من قبل المحكم لأي ظروف تمس استقلاله أو حياده.

القانون السعودي (نظام التحكيم 2012): أورد شروطًا مشابهة، مع تأكيد على معايير الشريعة وموافقة المحكمة العليا في بعض الحالات.

القانون القطري (قانون التحكيم 2017): نص على ضرورة تقديم الإفصاح الكامل عن أي ظروف قد تؤثر على الحياد.

الكويت والبحرين: تبنت القوانين ذات الضوابط الواردة في القانون النموذجي مع بعض الخصوصيات في إجراءات الرد.

ثانيًا: إجراءات طلب الرد – المادة (19)

حددت المادة (19) الآلية الزمنية والمكانية للرد، على النحو التالي:

1. تقديم الطلب خلال (15) يومًا من تاريخ العلم.

2. في حال عدم تنحي المحكم، تفصل الهيئة في الطلب.

3. إذا رفض الطلب، يحق الطعن أمام المحكمة المختصة خلال (30) يومًا.

4. لا يوقف الرد إجراءات التحكيم، ولكن إذا تم قبول الرد فإن جميع الإجراءات السابقة تُعد كأن لم تكن.

● تحليل قانوني:

يتسم القانون العماني بالحزم في ضبط مهل الطعن والرد، مما يسهم في منع التعطيل.

القاعدة التي تقضي بأن قبول الرد يجعل ما سبق من إجراءات كأن لم يكن، تُعد ضمانة قانونية، لكنها قد تُثير جدلًا بشأن مبدأ الكفاءة المستمرة لهيئة التحكيم.

● مقارنة خليجية:

الإمارات: قرارات الرد لا توقف الإجراءات إلا إذا قررت المحكمة المختصة غير ذلك (المادة 15).

السعودية: تختص المحكمة المختصة بالنظر في طلب الرد، ولها سلطة وقف الإجراءات.

قطر: تقضي بعدم وقف الإجراءات، إلا إذا قررت المحكمة المختصة وقفها.

الكويت والبحرين: نصوص متقاربة، مع صلاحيات واضحة للمحاكم بشأن وقف أو استمرار الإجراءات.


ثالثًا: استحالة أداء المهمة – المادة (20)

يمنح القانون لرئيس المحكمة التجارية صلاحية إنهاء مهمة المحكم الذي يعجز عن أداء مهامه، بناءً على طلب أحد الطرفين.

> هذا النص ينظم ما يُعرف بـ"تعسّر المهمة" أو الانقطاع الجسيم، ويمنح جهة قضائية حيادية صلاحية إنهاء المهمة، وهو خيار ضروري لضمان استمرارية التحكيم.

في التشريعات الخليجية:

الإمارات والسعودية وقطر: تخول المحكمة المختصة اتخاذ قرار العزل أو الإنهاء إذا ثبت التعذر أو التعطيل.

البحرين والكويت: نصت القوانين على ذات المبدأ، غالبًا مع اشتراط تقديم طلب من أحد الأطراف.

رابعًا: تعيين محكم بديل – المادة (21)

تنص على أنه عند انتهاء مهمة المحكم لأي سبب، يجب تعيين بديل وفقًا للإجراءات الأصلية.

> هذا النص يضمن اتساق عملية التعيين وتفادي تعيين بدائل بآليات مختلفة قد تثير الطعون.

ان جميع القوانين الخليجية تشترط اتباع الإجراءات الأصلية في تعيين البديل (مطابقة للقانون النموذجي)، مع بعض الاختلافات في مدى تدخل المحكمة أو مركز التحكيم المختص.

عليه وبناء لما تقدم من النصوص والتحليلات والمقارنات يتّسم قانون التحكيم العماني بدرجة عالية من الانضباط التشريعي في تنظيم مسألة رد المحكم وعزله واستبداله، ويكاد يتطابق مع الاتجاه الدولي والمبادئ التي نص عليها قانون الأونسيترال النموذجي.

وعند المقارنة مع تشريعات دول مجلس التعاون الخليجي، نلحظ وجود تقارب كبير في الجوهر مع بعض الفروقات الإجرائية والتقديرية التي تعكس الخصوصيات الوطنية لكل دولة.

إن توحيد المعايير بين دول المجلس في هذه المسائل قد يسهم في تعزيز بيئة التحكيم الخليجي كمناخ آمن للمستثمرين الاجانب
المستشار الدكتور ناجي سابق # الدكتور ناجي سابق# المحكم ناجي سابق# قانون التحكيم العماني # رد المحكم# تنحية المحكم# عزل المحكم # التحكيم التجاري # 


قنوات التواصل

مسقط ، سلطنة عمان

naji.sabek@hotmail.com

+9613606501