التحكيم في عصر الذكاء الاصطناعي ،تحولات نوعية وتحديات مستقبلية
شهد العالم في العقد الأخير تطورًا هائلًا في تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI)، ما جعلها تؤثر على مختلف القطاعات، بما في ذلك قطاع العدالة والتحكيم. وفيما كان التحكيم يُعد الوسيلة التقليدية البديلة لحل النزاعات، بات يواجه اليوم تحديًا جديدًا يتمثل في كيفية التكيف مع الذكاء الاصطناعي، الذي قد يغيّر من آليات الفصل في النزاعات، وإجراءاتها، وطبيعة الأطراف المعنية.
●أولًا: مفهوم الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته القانونية
الذكاء الاصطناعي هو مجموعة من الأنظمة أو الآلات القادرة على محاكاة الذكاء البشري، والتعلم، واتخاذ القرارات بناءً على البيانات. وتطورت استخداماته القانونية لتشمل:
تحليل العقود القانونية.
التنبؤ بنتائج القضايا.
المساعدة في تسوية النزاعات.
تقديم الاستشارات القانونية الآلية.
أتمتة-اجراءات اوتوماتيكية - إجراءات التقاضي والتحكيم.
●ثانيًا: مزايا الذكاء الاصطناعي في التحكيم
1. السرعة في التحليل: يمكن للأنظمة الذكية تحليل كميات ضخمة من البيانات والوثائق بسرعة عالية ولكن لا نعلم بعد مدى الدقة في الاجراءات او المعلومات .
2. تقليص التكاليف: يساعد في تقليل الأعباء المالية المرتبطة بأتعاب التحكيم والمرافعات.
3. الحيادية: تتيح الأنظمة الذكية إصدار قرارات مبنية على منطق رياضي وخوارزمي دون تحيّز.
4. التيسير الإداري: يُمكن أتمتة إجراءات التحكيم كإرسال المذكرات وجدولة الجلسات إلكترونيًا.
●ثالثًا: الحدود القانونية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في التحكيم
1. الطابع الإنساني للعدالة: الذكاء الاصطناعي يفتقر إلى الحدس القانوني والعدالة الإنسانية التي تميز المحكم البشري.
2. الشفافية والمساءلة: صعوبة الطعن في قرارات خوارزميات مغلقة (Black Box AI).
3. مخاوف من تحيّز البيانات: إذا كانت البيانات التي تغذّي النظام متحيزة، فقد تكون النتائج كذلك.
4. الإطار القانوني المنظم معظم القوانين الوطنية وقوانين التحكيم الدولية لم تتطرق بعد إلى استخدام الذكاء الاصطناعي كمصدر للفصل في النزاعات.
●رابعًا: التحكيم الإلكتروني والذكاء الاصطناعي
التحكيم الإلكتروني يمثّل أرضًا خصبة لتطبيق الذكاء الاصطناعي، من خلال:
أنظمة إدارة النزاع Online Dispute Resolution (ODR).
المحكم الروبوت (Robot Arbitrator) في القضايا البسيطة (مثل التجارة الإلكترونية أو النزاعات البسيطة ).
المساعدة الذكية للمحكم البشري في تحليل الأدلة وصياغة الأحكام.
●خامسًا: موقف التحكيم الدولي من الذكاء الاصطناعي
لم تصدر حتى الآن قواعد دولية ملزمة تقنن الذكاء الاصطناعي في التحكيم، إلا أن بعض المراكز التحكيمية الدولية (كمحكمة لندن للتحكيم الدولي LCIA ومركز سنغافورة SIAC) بدأت بمراجعة إجراءاتها لاستيعاب التكنولوجيا.
مشروع قواعد التحكيم بالذكاء الاصطناعي ما زال في طور الدراسة، ضمن جهود دولية لتكييف القانون مع التطور التقني ومن الافضل ان تكون هناك تشريعات قانونية مواكبة زالا نحن امام معضلة كبيرة في الاجراءات والتنفيذ
●سادسًا:ما هو مستقبل التحكيم في عصر الذكاء الاصطناعي
1. المحكم الهجين بحيث يمكن دمج الذكاء الاصطناعي كمساعد للمحكم البشري دون استبداله ولكن هذا يؤثر على حسن سير الاجراءات وخاصة المداولة والمرافعات والمعاينة والشهود وندب الخبراء والاجراءات الوقتية والتحفظية وحتي في لغة التحكم واجراءاته العمليه
2. تدريب القضاة والمحكمين وامناء السر على التكنولوجيا: ليصبحوا قادرين على فهم وإدارة الأدوات الذكية بفعالية وسرعة ودقة من اجل مواكبة التطور السريع والمتنامي .
3. إنشاء قوانين ولوائح تنظيمية دولية لضبط استخدام الذكاء الاصطناعي وضمان احترام المبادئ القانونية الأساسية.
4. تحقيق التناسب والتوازن بين الابتكار التكنولوجي والضمانات القانونية.
عليه نختم بأن التحكيم في عصر الذكاء الاصطناعي يمثل نقلة نوعية في مجال تسوية النزاعات، تجمع بين الكفاءة التقنية والعدالة البديلة. ورغم ما يوفره من مزايا، إلا أن نجاحه مرهون بوجود إطار قانوني وتنظيمي يضمن الشفافية، ويصون الحقوق، ويحافظ على جوهر العدالة. فلا بد من التقدّم التكنولوجي أن يكون خادمًا للعدالة لا بديلًا عنها وان يكون تحت سيطرة ومسؤولية المحكم الطبيعي كي لا يكون هناك تجاوزات او اخطاء او تسريبات تؤدي الى ضياع الحقوق .
المستشار الدكتور ناجي سابق# التحكيم التجاري الدولي # التحكيم الالكتروني # المحكم ناجي سابق#المحكم# التحكيم في عصر الذكاء الاصطناعي # التحكيم الرقمي # المنظمة العالمية للتحكيم الرقمي والدولي