شروط الوقائع المراد اثباتها في التحكيم

بقلم : د. ناجي سابق
عدد الزيارات: 10

شروط الوقائع المراد اثباتها في التحكيم

شروط الوقائع الواجب إثباتها أمام المحكم او هيئة التحكيم

يشكل الإثبات حجر الزاوية في أي نزاع قانوني، سواء عُرض أمام محكمة رسمية أو هيئة تحكيم. ومع أن إجراءات التحكيم غالبًا ما تتسم بالمرونة مقارنة بالقضاء التقليدي، إلا أن هناك معايير موضوعية تظل حاكمة لإجراءات الإثبات، لا سيما فيما يتعلق بقبول الوقائع محل الإثبات. ويُشترط في الوقائع المطلوب إثباتها أمام المحكمة أو هيئة التحكيم أن تكون:
 (1) متعلقة بموضوع النزاع.

 (2) متنازعًا فيها بين الأطراف.
 (3) جائزا" قبولها قانونا"

عايه تهدف هذه الشروط الثلاثة إلى ضمان التركيز على الوقائع الجوهرية والحد من الطعون التعسفية، مما يحقق الفعالية والعدالة الحاسمة للنزاعات وصدور الاحكام النهائية واجبة النفاذ 

أولًا: ارتباط الواقعة بموضوع النزاع

يشترط أن تكون الواقعة المطلوب إثباتها مرتبطة بموضوع النزاع المعروض على المحكمة أو هيئة التحكيم، أي أن يكون لها أثر مباشر أو غير مباشر في الفصل في الطلبات أو الدفوع المطروحة. وهذا الشرط أساسي سواء في القضاء الرسمي أو التحكيم، لأن المقصود من الإثبات هو مساعدة الجهة القضائية أو التحكيمية في تكوين قناعتها بشأن عناصر النزاع.

في سياق التحكيم، قد يكون النزاع متعلقًا بمسائل تجارية أو تعاقدية فإن إثبات الالتزام بشروط العقد أو إخلال أحد الطرفين بها يُعد من الوقائع الجوهرية. أما الوقائع الجانبية الغير مرتبطة ارتباطا" مباشرا" بموضوع النزاع فلا تعد ذات صلة، وبالتالي ترفض هيئة التحكيم النظر فيها بناء" لسلطتها التقديرية

ثانيًا: أن تكون الواقعة محل منازعة

لا محل للإثبات إذا لم تكن هناك منازعة بين الأطراف بشأن الواقعة. فالإثبات يُلجأ إليه فقط إذا أنكر الطرف الآخر الواقعة، صراحة أو ضمنًا. أما إذا أقر بها، فلا معنى لإهدار وقت الخصومة في إثبات ما هو ثابت بالإقرار - الاقرار سيد الادلة - سواء أمام المحكمة أو امام هيئة التحكيم.

تجدر الاشارة الى ان وثيقة المهمة في التحكيم تنظم العمل في موضوع النزاع وتحدده بناء" لاتفاق الطرفان ويتم تحديد المسائل المتنازع عليها بشكل دقيق تحت طائلة البطلان والفصل في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم ويستبعد ما لا يُنازع فيه من الإثبات. وهذا التحديد يوفّر على هيئة التحكيم وقتًا وجهدًا كبيرًا، ويُركّز إجراءات الإثبات على ما هو جوهري والاكثر اتصالا" بموضوع النزاع

ويتمتع المحكّم بصلاحية تقدير ما إذا كانت الواقعة محل نزاع فعلي أو مجرد محاولة من أحد الأطراف لإطالة أمد التحكيم دون جدوى خاصة ان وقت التحكيم هام للطرفين وهو محدد المدة.

ثالثًا: جواز قبول الواقعة قانونًا

يشترط كذلك أن تكون الواقعة محل الإثبات جائزة القبول قانونًا، أي أن لا تكون من الوقائع التي يحظر القانون إثباتها، أو التي يوجب إثباتها بوسائل معينة دون غيرها. ورغم ما يمنحه التحكيم من مرونة في قبول وسائل الإثبات، إلا أن هذا لا يلغي حدود النظام العام أو القيود القانونية.

ففي العقود التي ينص فيها القانون على عدم قبول الإثبات بشهادة الشهود فيما زاد عن مبلغ معين دون وجود كتابة، فإن هذا القيد يبقى ملزمًا أمام هيئة التحكيم، ما لم يتفق الطرفان صراحة على خلاف ذلك. كذلك، لا تقبل هيئة التحكيم وقائع جرى الحصول عليها بطرق غير مشروعة، كالتسجيلات دون علم الطرف الآخر، أو المستندات المنتزعة بوسائل غير قانونية، لأنها تتعارض مع قواعد العدالة والإنصاف التي تُعد من ركائز التحكيم والقواعد الاجرائية للعدالة 

وفي هذا الصدد، تتحلى هيئات التحكيم بمرونة واسعة في تحديد مقبولية الدليل، ولكنها تظل خاضعة في النهاية لمبادئ العدالة، وضمان حقوق الدفاع، وحسن النية ومصلحة الاطراف وحق الدفاع والمساوة بين الطرفين والالتزام بإتفاق التحكيم

ختاما" ورغم ما يتمتع به التحكيم من مرونة إجرائية وخصوصية تميّزه عن القضاء العادي، إلا أن شروط إثبات الوقائع تظل ثابتة ومشتركة، وهي: ارتباط الواقعة بالدعوى، وكونها محل نزاع، وجواز قبولها قانونًا. وتمثل هذه الشروط ضمانة حقيقية لتحقيق عدالة ناجزة وفعالة، سواء أمام المحاكم أو هيئات التحكيم. إذ لا جدوى من إثبات ما لا تأثير له في النزاع، أو ما هو مُسلّم به، أو ما لا يقبله القانون. وبالتالي، فإن احترام هذه الضوابط من قبل الخصوم وهيئة التحكيم يسهم في الوصول إلى قرارات عادلة، تحوز على رضا الأطراف، وتُعزز من مصداقية منظومة التحكيم كوسيلة لحل النزاعات بالطرق السلمية
المستشار الدكتور ناجي سابق# شروط المحكم في اثبات الوقائع# الاثبات القانوني# طرق الاثبات # التحكيم # المحكم ناجي سابق


قنوات التواصل

مسقط ، سلطنة عمان

naji.sabek@hotmail.com

+9613606501