عقد التحكيم #مشارطة التحكيم

بقلم : د. ناجي سابق
عدد الزيارات: 80

عقد التحكيم #مشارطة التحكيم

عقد التحكيم
 (مشارطة التحكيم)

(*) المستشار الدكتور ناجي سابق

عقد بموجبه يتفق الأطراف على حل (نزاع ناشئ بينهم بالفعل) عن طريق التحكيم. وهذا العقد يخضع للقواعد العامة في نظرية العقود إضافة إلى بعض الشروط الخاصة.
أولاً: الكتابة كشرط لإثبات عقد التحكيم
لقد نصت المادة (766) من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني أنه "لا يثبت عقد التحكيم إلا بالكتابة". فالكتابة إذاً ليست مطلوبة كركن شكلي لعقد التحكيم وإنما لإثباته. ومعنى ذلك أنه يصح العقد التحكيمي لو لم يكن مكتوباً، وعندئذ يجوز إثباته بما يقوم مقام الكتابة كالإقرار واليمين وشهادة الشهود، وبالتالي فالكتابة لا تعد عند الشك مشروطة للانعقاد وإنما للإثبات، لأن الأصل هو رضائية العقود بالنسبة للمتعاقدين وبالنسبة للقانون. وعليه تكون الكتابة كدليل من أدلة الإثبات في ظل ما تتضمنه من تأكيد وجود واقعة مدنية أو عمل أو تصرف قانوني مشروع. حيث تفوق ثقة الكتابة ما ليس موجوداً في باقي وسائل الإثبات وخاصة شهادة الشهود التي تعتمد على ذاكرة الشاهد إضافة إلى أن التحقق من وجود ومصداقية الدليل الكتابي أسهل وأوضح من التحقق من مصداقية الشهادة.
فقد يثبت عقد التحكيم في صورة سند رسمي (كما لو تم على يد كاتب عدل)، أو سند عادي (كما لو تحرر العقد من نسختين أصليتين
عليهما توقيع الطرفين أو بصمتهما)، أو ورقة أخرى لها قيمة السند العادي من حيث الإثبات (كالرسائل الموقع عليها أو البرقيات التي يكون أصلها المودع في مكتب البريد موقعاً عليها). أيضاً لا مانع من أن يثبت عقد التحكيم في شكل محضر يتم أمام المحكمين ويوقعه الأطراف والمحكمين في ذات الوقت، كما يمكن أن يثبت عقد التحكيم أثناء سير الخصومة أمام قضاء الدولة حيث يختار الخصوم المحكمين ويثبت العقد في محضر الجلسة ويكون عقداً قضائياً. وأخيراً قد يتفق الخصوم على إبرام عقد التحكيم بمناسبة اتخاذ عمل من الأعمال الإجرائية، كأن يتفق الخصوم على عقد التحكيم بمناسبة تبليغ على يد مباشر يعطيه صفته الرسمية.
ثانياً: تحديد موضوع النزاع كشرط لصحة عقد التحكيم
إن ما يميز عقد التحكيم عن بند التحكيم هو أن الأول يفترض قيام نزاع بين الطرفين بالفعل وهو سبب الاتفاق على التحكيم الذي يوجب اشتمال عقد التحكيم، تحت طائلة بطلانه، على تحديد موضوع النزاع.
و"الحكمة من تطلب هذا الشرط ما يلي: (أولاً) عدم إثارة منازعات فرعية بين الخصوم. (ثانياً) تيسير مهمة القاضي الذي يصدر (القرار الصادر بإعطاء الصيغة التنفيذية) في مراقبة المحكم. (ثالثاً) تقييد المحكمة بموضوع النزاع وعدم الخروج عليه وإلا يكون المحكم قد قضى بغير ما يطلبه الخصوم أو أكثر مما طلبوه مما يفتح الباب أمام الطعن في حكمه...". كذلك يجب عندما يبدأ المحكمون عملهم أن يعرفوا ما سوف يحكمون فيه رغم أن موضوع النزاع معروف. فإن المحكم يحتاج لمعرفة ما سيفصل فيه حتى يقبل مهمته فقد لا يقبل مهمة التحكيم إذا عرف المهمة ابتداءً. وأخيراً فإن السماح بتحديد موضوع النزاع (في وقت لاحق) يفترض أن الخصوم سيتفقون على التحديد ولكن هذا الأمر قد لا يحدث مما يعرقل إجراءات التحكيم ويضيع وقت الخصوم".
ويقصد بتحديد موضوع النزاع تحديد مجموع الادعاءات المتبادلة التي يدعيها الخصوم بشكل واضح. لا يلزم أن يتحدد موضوع النزاع بشكل تفصيلي، فيكفي أن يقال أن موضوع النزاع هو حسم جميع الخلافات التي نشأت بمناسبة دعوى معينة دون تحديد هذه الخلافات تفصيلاً.
لكن هل عدم تحديد عقد التحكيم للمسائل التي يشملها التحكيم يعرض هذا العقد للبطلان على نحو بات؟ يذهب رأي جدير بالتأييد
أن بطلان عقد التحكيم لعدم تحديده للمسائل التي يشملها لا يحول دون تحديد هذه المسائل باتفاق لاحق يضم إليها، ويكون هدفه تصحيح العقد وإزالة أسباب البطلان. إلا أن هذا البطلان لا يعيب وثيقة التحكيم إلا باعتبارها عقد تحكيم، ولكن هذه الوثيقة الباطلة لهذا السبب لا تخلو من كل قيمة قانونية إذ تظل قائمة باعتبارها مجرد اتفاق جزئي على مبدأ التحكيم يتفق في آثاره مع البند التحكيمي لأنها تتضمن كافة العناصر اللازمة لصحة هذا الأخير، وليس هذا إلا تطبيقها لفكرة تحول العقد.
ثالثاً: تعيين المحكمين كشرط لصحة عقد التحكيم
تتطلب المادة (766/2) من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني ضرورة اشتمال عقد التحكيم، على تعيين المحكمين، تماماً كما هو الشأن بالنسبة لموضوع النزاع. تحت طائلة بطلانه. كما إن الثقة في حسن تقدير المحكم وفي حسن عدالته هي في الأصل مبعث الاتفاق على التحكيم، لذا يجب التعيين المبكر لهذه الهيئة عند إبرام عقد التحكيم وجعل الجزاء على تخلف هذا التعيين هو البطلان. كذلك إن تعيين المحكم أو المحكمين في عقد التحكيم لا يقصد به التعيين بالاسم وإنما يشمل التعيين بالصفة أو يشمل بيان الطريقة التي يعين بها هؤلاء.
رابعاً: بيانات يجوز ذكرها في عقد التحكيم
إن تحديد موضوع النزاع وتعيين المحكمين في عقد التحكيم بيانان إلزاميان يبطل العقد إذا لم يشتمل عليهما تطبيقاً للمادة (766/2) من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني ولكن هناك بيانات أخرى يجوز ذكرها في عقد التحكيم. نذكر أهمها:
1- تحديداً للمهلة الاتفاقية التي يجب على المحكمين القيام بمهمتهم في خلالها، علماً أن المهلة القانونية هي ستة أشهر على الأكثر.
2- تفويضاً لأحد المحكمين بالتحقيق.
3- ويجوز للخصوم أن يعدلوا عن الحق في الطعن بالاستئناف بالنص على ذلك في عقد التحكيم وإلا كان الاستئناف في القرار التحكيمي الصادر عن محكم عادي جائزاً.
4- أن يحتفظوا بحق رفع الطعن بالاستئناف بالنص على ذلك صراحة في عقد التحكيم وإلا كان استئناف القرار التحكيمي الصادر عن محكم مطلق غير صحيح.
خامساً: بيانات يجوز ذكرها في عقد التحكيم أو في اتفاق مستقل
هناك بيانات يجيز القانون للأطراف إدراجها في عقد التحكيم أو في اتفاق مستقل، تطبيقاً لمبدأ حرية التعاقد.
1- يجوز للخصوم أن يتفقوا على أن يكون التحكيم عادياً أو مطلقاً وإلا كان التحكيم عادياً.
2- يجوز للخصوم أن يتفقوا على إعفاء المحكم في التحكيم العادي من تطبيق أصول المحاكمة العادية أو بعضها.
3- يجوز أن يتضمن عقد التحكيم أو اتفاق مستقل تنظيماً خاصاً لانتهاء الخصومة في التحكيم وإلا انتهت لأحد الأسباب الواردة في قانون التحكيم.
4- يجوز أن يتضمن عقد التحكيم أو اتفاق مستقل منع المحكم من الفصل في طارئ تطبيق الخط.
5- أن يتضمن عقد التحكيم أو اتفاق مستقل تنظيماً لمسألة أتعاب المحكمين ويتفق الأطراف عادة على أن يتحمل كل طرف أتعاب المحكم الذي يرشحه ويتحمل الطرفان مناصفة أتعاب رئيس هيئة التحكيم وكاتب الجلسات إن وجد ومصاريف التحكيم الأخرى كالسفر والإقامة والقرطاسية وغيره.


قنوات التواصل

مسقط ، سلطنة عمان

naji.sabek@hotmail.com

+9613606501