تنفيذ قرار التحكيم الخاسم للنزاع

بقلم : د. ناجي سابق
عدد الزيارات: 75

تنفيذ قرار التحكيم الخاسم للنزاع

تنفيذ القرار التحكيمي

*القاضي الدكتور ناجي سابق

إن تنفيذ قرار التحكيم هو الوفاء بالالتزام حيث يبرأُ منه المدين ويحسم النزاع بشكل نهائي، وهو على نوعين إما رضائي وإما جبري، وبما أنّ القرار التحكيمي هو النتيجة الحتمية لاتفاق التحكيم إذ أنّ هذا الأخير يمثل إرادة الخصوم الصريحة في الخضوع إلى القرار التحكيمي، فلا بد إذن من أن يكون التنفيذ الرضائي هو ذلك النوع من التنفيذ الذي ينتهي به القرار التحكيمي سواء أكان يمس أحد الأطراف أم كليهما. أما إذا رفض أحد الخصوم التنفيذ الرضائي الطوعي، فلا بد من اللجوء إلى أحكام التنفيذ الجبري للأحكام القضائية التي نص عليها قانون التنفيذ.
وبما أن القرارات التحكيمية هي أحكام قضائية مع بعض الاختلافات البسيطة من حيث الإجراءات والعائدة إلى الخصوصية التي يمتاز بها القرار التحكيمي، فإنّ أغلب التشريعات المقارنة قد أوجبت على المحكمين إيداع القرار مع أصل وثيقة التحكيم في قلم المحكمة المختصة بنظر النزاع، أما إذا كان اتفاق التحكيم وارداً في قضية استئناف فإنّه يجب أن يتم هذا الإيداع في قلم تلك المحكمة التي أصدرت الحكم المستأنف.
وعليه نجد أنّ المشرع قد ألزم المحكمين بعد صدور قرارهم أو الخصم الأكثر عجلة الإيداع مع أصل اتفاق التحكيم في قلم المحكمة المختصة، وعلى قلم المحكمة المختصة أن يقبل هذا الإيداع وليس له أدنى سلطة في مناقشة هذه القرارات من الناحية الموضوعية. حيث يجب على كاتب المحكمة أن يحرر محضراً بالإيداع كي يصدر رئيس الغرفة الابتدائية الأمر بإعطاء الصيغة التنفيذية.
وتلك القرارات التحكيمية بعد إيداعها لا يمكن تنفيذها بصورة مباشرة، أي أنّها لا تكون واجبة التنفيذ إلا بأمر على عريضة يصدره رئيس الغرفة الابتدائية الذي أودع قلمه كما أسلفنا، إذ تنص التشريعات المقارنة على وجوب أن يصدر أمر تنفيذ قرار المحكمين من قبل قاضي التنفيذ في المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع، وإنّ هذا الأمر هو خاص فقط بقرارات التحكيم دون الأحكام القضائية الصادرة من القضاء. وأن الهدف من إعطاء الصيغة التنفيذية هو مراقبة عمل المحكمين لحماية النظام العام القضائي وسيادة القانون الذي يعتبر من سيادة الدولة.
لذلك تحرص المحكمة المختصة على تطبيق المبادئ الأساسية للتقاضي في المرافعة التحكيمية وخاصة مبدأ المواجهة بالدليل الذي يعد من المبادئ الأساسية التي تحكم نظرية الإثبات.
إضافة إلى التحقق من ضمان حق الدفاع الذي يجب أن يكون مكفولاً لكل من الخصمين وضمان الالتزام بقواعد النظام العام.
أما من ناحية الموضوع ومدى مطابقته للقانون، فيمكن للرقابة القضائية التحقق من ملاحظة النتائج التي توصلت إليها هيئة التحكيم في قرارها النهائي الحاسم للمنازعة من حيث مطابقة تلك النتائج لقواعد القانون الأساسية أي القواعد الآمرة التي لا يجوز مخالفتها باتفاق الطرفين، أي أن لا تخالف أي قاعدة آمرة من قواعد القانون بصورة عامة، علماً أن المشرع لم يترك هذه الرقابة مطلقة بدون تقييد. إذ أنّ سلطة المحكمة والمتمثلة بتصديق قرار التحكيم أو إبطاله، لها الحق فقط في مراقبة صحة ذلك القرار ومدى مطابقته للقانون شكلاً وليس مضموناً، إذ لا يمكن للمحكمة المختصة أن تتطرّق في البحث والتدقيق إلى مناقشة المسائل الموضوعية في الدعوى التحكيمية إذ أنّ هذه المسائل يكون فيها للمحكم كما هو للقاضي سلطة الموازنة والترجيح، وذلك على اعتبار أنّ المحكمة المختصة عندما تنظر طلب التصديق أو طلب الإبطال لا تُعد جهة استئنافية تنظر في طعون يقدمها الخصوم
حتى يمكن أن تنظر في الدعوى مجدداً. إنما تكون جهة رقابية
خارجية ، ليكون القرار التحكيمي صادراً وفقاً لنصوص قانون أصول المحاكمات المدنية والقوانين المرعية الإجراء لإرساء العدالة المنشودة، وعدم وجود أي سبب من أسباب البطلان.


قنوات التواصل

مسقط ، سلطنة عمان

naji.sabek@hotmail.com

+9613606501