بطلان حكم التحكيم

بطلان حكم التحكيم في النظام القانوني العُماني الضمانات الإجرائية والرقابة القضائية 

تُمثل دعوى البطلان الآلية الاستثنائية الوحيدة لمراجعة أحكام التحكيم في النظام القانوني العُماني، حيث تُعد هذه الأحكام – وفقًا للمادة 52 من قانون التحكيم الصادر بالمرسوم السلطاني 97/47- غير قابلة للطعن بأي طريق من طرق الطعن المقررة قانونًا" إلا أن المشرع خصص استثناءً محدودًا لحماية المبادئ الجوهرية للعدالة، مع الحفاظ على مبدأ نهائية التحكيم وسرعة فض المنازعات من خلال دعوى البطلان دون سواها  

أولاً: الأسس القانونية لدعوى البطلان (المواد 52-54)  

#. مبدأ النهائية وعدم القابلية للطعن  

ينص القانون صراحةً على أن أحكام التحكيم الصادرة وفقًا لأحكامه تكون:  

- ملزمة وواجبة النفاذ بين الأطراف دون حاجة إلى تصديق قضائي.  

- تكون غير خاضعة لطرق الطعن التقليدية كالاستئناف او النقض وإعادة النظر.  

 2. التوازن بين نهائية الحكم وضمانات العدالة  

حيث يسمح القانون بالطعن في الحكم فقط عبر دعوى البطلان، وذلك لتحقيق توازن بين احترام إرادة الأطراف في اختيار التحكيم وبين حماية الأطراف من الانحرافات الإجرائية الجوهرية.  

تجدر الاشارة انه وفقا" لقانون الاجراءات المدنية والتجارية في سلطنة عمان يجوز تقديم دعوى النقض امام المحكمة العليا ضد الحكم الصادر (برفض بطلان حكم التحكيم او بقبوله) وذلك ضمن شروط واسباب قانونية محددة . 

 ثانيًا: حالات البطلان المُحددة حصرًا والتي لا يجوز التوسع بها او القياس عليها وعلى المحكمة المختصة عند نظر دعوى البطلان التدقيق في الجوانب الشكلية فيها دون الموضوعية دون التطرق او التدخل في مدى عدالة المحكم في حكمه 

- لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم وفقا" للمادة 53 إلا في الأحوال الآتية:

أ- إذا لم يوجد اتفاق تحكيم أو كان هذا الاتفاق باطلا أو قابلا للإبطال أو سقط بانتهاء مدته.

ب- إذا كان أحد طرفي اتفاق التحكيم وقت إبرامه فاقد الأهلية أو ناقصها وفقا للقانون الذي يحكم أهليته.

ج- إذا تعذر على أحد طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم إعلانه إعلانا صحيحا بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم أو لأي سبب آخر خارج عن إرادته.

د- إذا استبعد حكم التحكيم تطبيق القانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه على موضوع النزاع.

هـ- إذا تم تشكيل هيئة التحكيم أو تعيين المحكمين على وجه مخالف للقانون أو لاتفاق الطرفين.

و- إذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو جاوز حدود هذا الاتفاق. ومع ذلك إذا أمكن فصل أجزاء الحكم الخاصة بالمسائل الخاضعة للتحكيم عن أجزائه الخاصة بالمسائل غير الخاضعة له فلا يقع البطلان إلا على الأجزاء الأخيرة وحدها.

ز- إذا وقع بطلان في حكم التحكيم، أو كانت إجراءات التحكيم باطلة بطلانا أثر في الحكم.

٢- تقضي المحكمة التي تنظر دعوى البطلان من تلقاء نفسها ببطلان حكم التحكيم إذا تضمن ما يخالف النظام العام في سلطنة عمان. 

                    

 ثالثًا: إجراءات دعوى البطلان وضوابطها 

 1. المهلة الزمنية والتنازل المسبق  

- مهلة 90 يومًا فقط من تاريخ إعلان الحكم للمحكوم عليه .  

- لا يُسقط التنازل عن الطعن حق رفع الدعوى (لا يجوز التنازل عن الضمانات الجوهرية مقدمًا).  

 2. الجهة المختصة وإجراءات التقاضي  

- محكمة الاستئناف التجارية بمسقط: هي المختصة بنظر دعوى البطلان في التحكيم التجاري الدولي . امافي التحكيم التجار الوطني تكون الصلاحية للمحكمة التجارية لمكان النزاع . 

 3. الآثار القانونية لقبول الدعوى  

- يُبطل الحكم كليًا أو جزئيًا (إذا كان البطلان قابلاً للتجزئة).  

- يُعاد النزاع إلى هيئة التحكيم الأصلية أو يتم تشكيل هيئة جديدة وفقًا لاتفاق الأطراف.  

رابعا": تنفيذ الأحكام الأجنبية  

تخضع الأحكام الصادرة خارج عُمان لإجراءات الفصل 352 من قانون الإجراءات المدنية كذلك تخضع الى نصوص المواد( 47-56 -58) من قانون التحكيم العماني   

- إيداع الحكم مصحوبًا باتفاق التحكيم وترجمة عربية مصدقة اذا كان صادرا" بلغة اجنبية   

- التحقق من عدم تعارضه مع حكم سبق صدوره في محامن السلطنة بنفس الموضوع وان لا يخالف حكم التحكيم النظام العام .  

بناء لما تقدم يمكن القول ان النظام القانوني العُماني نجح في تكريس نهائية التحكيم كأصل عام، مع ترك باب ضيق لمراجعة الأحكام عبر دعوى البطلان لتصحيح الانحرافات الجوهرية. ويظل التحدي الأكبر هو تجنب التوسع في تفسير النظام العام، مع ضمان شفافية إجراءات التحكيم. وتؤكد الممارسة القضائية الحديثة توجه عُمان الواضح لدعم التحكيم كآلية فعّالة، حيث لا تتجاوز نسبة إبطال الأحكام 8% وفق إحصاءات 2024 وهذا ما يتوافق مع ما ورد في نصوص رؤية عمان 2040 لتصبح سلطنة عمان مركز اقليميا" لحل الخلافات بالطرق السلمية.

المستشار الدكتور ناجي سابق # التحكيم التجاري#المحكم ناجي سابق#