مكان التحكيم # مقر التحكيم

مكان التحكيم في القانون العماني

يُعد تحديد مكان التحكيم من المسائل الجوهرية في العملية التحكيمية، لما له من أثر بالغ في تحديد القانون الإجرائي الواجب التطبيق، ومكان تنفيذ الإجراءات، و صلاحيات الجهة القضائية المختصة في المراقبة والبطلان والاختصاص والتنفيذ وقد نظّم المشرّع العماني هذه المسألة في المادة (28) وهو نص يعكس التوازن بين حرية الأطراف وسلطة هيئة التحكيم.

أولاً: النص العماني المادة (28)

تنص المادة (28) من قانون التحكيم العماني على ما يلي:

لطرفي التحكيم الاتفاق على مكان التحكيم في سلطنة عمان أو خارجها. فإذا لم يوجد اتفاق عينت هيئة التحكيم مكان التحكيم مع مراعاة ظروف الدعوى وملائمة المكان لأطرافها.

ولا يخل ذلك بسلطة هيئة التحكيم في أن تجتمع في أي مكان تراه مناسبًا للقيام بإجراء من إجراءات التحكيم كسماع أطراف النزاع أو الشهود أو الخبراء أو الاطلاع على مستندات أو معاينة بضاعة أو أموال أو إجراء مداولة بين أعضائها أو غير ذلك."

1. حرية الأطراف : يمنح النص الأطراف أولوية مطلقة في تحديد مكان التحكيم داخل سلطنة عمان أو خارجها، ويُكرّس هذا مبدأ سلطان الإرادة في التحكيم.

2. دور هيئة التحكيم عند غياب الاتفاق: تُمنح هيئة التحكيم سلطة تقديرية لاختيار مكان التحكيم المناسب، بشرط مراعاة "ظروف الدعوى" و"ملاءمة المكان للأطراف".

3. مرونة الإجراءات: يُجيز النص لهيئة التحكيم عقد جلسات أو اتخاذ إجراءات في أماكن مختلفة عن "مكان التحكيم" الرسمي، وهو أمر عملي يُلبّي حاجات الواقع التحكيمي، خاصة في القضايا الدولية أو الفنية او في حالات السفر الاضطراري حيث يجوز الاتفاق على ذلك في وثيقة المهمة أو في الجلسة الاجرائية الاولى التي يوافق عليها الاطراف بشكل نهائي.

ثانيًا: مقارنة مع قوانين دول مجلس التعاون الخليجي

1. السعودية (نظام التحكيم السعودي – المادة 28)

تنص المادة (28) على:

لطرفي التحكيم الاتفاق على مكان التحكيم، وإذا لم يتفقا، تولت الهيئة تحديده، مع مراعاة ملاءمة المكان لطبيعة النزاع وظروف 

2. الإمارات (قانون التحكيم – المادة 28 من القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 2018)

يجوز للأطراف الاتفاق على مكان التحكيم، وفي حال غياب الاتفاق، تحدد هيئة التحكيم المكان مع مراعاة ظروف القضية وراحة الأطراف. كما يجوز لها أن تعقد جلساتها في أماكن مختلفة حسب الحاجة.

3. قطر (قانون التحكيم القطري  المادة 28 من القانون رقم 2 لسنة 2017)

 "لطرفي التحكيم الاتفاق على مكان التحكيم، وفي حال عدم وجود اتفاق، تحدد هيئة التحكيم المكان بما يتناسب مع طبيعة النزاع وراحة الأطراف. كما يجوز عقد جلسات أو إجراءات تحكيمية في أماكن مختلفة."

 مشابه للنص العماني، مع استخدام مصطلحات مرنة مثل "الراحة" و"الطبيعة" لتقدير ملاءمة المكان.

4. البحرين (قانون التحكيم البحريني – المادة 20 من القانون رقم 9 لسنة 2015

 "يكون للأطراف حرية الاتفاق على مكان التحكيم. وفي حال عدم وجود اتفاق، تحدد الهيئة المكان، ويمكن عقد الاجتماعات في أي مكان مناسب لإجراء التحكيم."

 النص البحريني أقل تفصيلًا من العماني، لكنه يُقر نفس المبدأ بشأن سلطة الهيئة في اختيار المكان ومرونة الإجراءات.

5. الكويت (وفق أحكام المرسوم بقانون رقم 10 لسنة 1979، ولائحة مركز الكويت للتحكيم التجاري)

لا يوجد نص واضح في القانون الكويتي التقليدي يحدد مكان التحكيم، لكن غالبًا ما يُترك الأمر إلى اتفاق الأطراف 

ثالثًا: الأثر القانوني لمكان التحكيم

يترتب على تحديد مكان التحكيم العديد من النتائج الجوهرية:

1. القانون الإجرائي الواجب التطبيق: يُطبق غالبًا قانون الدولة التي يقع فيها مكان التحكيم، ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك.

2. الاختصاص القضائي: محاكم الدولة التي يُعقد فيها التحكيم تكون مختصة بالتدخل في مسائل الإجراء والدعم القضائي، والطعن في أحكام التحكيم.

3. تنفيذ الحكم: مكان التحكيم قد يُستخدم لتحديد بلد المنشأ عند تنفيذ الحكم في الخارج بموجب اتفاقية نيويورك لعام 1958

4. الطابع الدولي أو المحلي: قد يحدد مكان التحكيم ما إذا كان التحكيم داخليًا أو دوليًا، وهو أمر يؤثر على أحكام القانون الواجب التطبيق.

نختم بالقول ان قانون التحكيم العماني قام بتحديد  مكان التحكيم وفقا" لرؤية متقدمة تتماشى مع أفضل الممارسات التحكيمية العالمية، كما أنه منسجم إلى حد كبير مع التشريعات الخليجية الحديثة التي تُكرّس حرية الأطراف، وتمنح هيئة التحكيم المرونة المطلوبة. وتبرز أهمية هذا التوجه في تعزيز جاذبية السلطنة كمركز إقليمي للتحكيم، لا سيما في ظل رؤية عمان 2040 والانفتاح الاستثماري والتجاري المتنامي.

المستشار الدكتور ناجي سابق# المحكم ناجي سابق # مقر التحكيم # مكان التحكيم # التحكيم # التحكيم الدولي#