تبادل المذكرات والمستندات والتقارير والادلة في اجراءات التحكيم
لقد نصت المادة 31 من قانون التحكيم العماني على انه "ترسل صورة مما يقدمه أحد الطرفين إلى هيئة التحكيم من مذكرات أو مستندات أو أوراق أخرى إلى الطرف الآخر، وكذلك ترسل إلى كل من الطرفين صورة من كل ما يقدم إلى الهيئة المذكورة من تقارير الخبراء والمستندات وغيرها من الأدلة."
يتبين مما تقدم ومن خلال التحليل القانوني لنص المادة اعلاه وجوب تبادل المذكرات. المستندات والتقارير والادلة وكل ما يقدم من الاطراف الى الهيئة وبالعكس وحيث تشكل هذه المادة إحدى الضمانات الجوهرية لمبدأ "المساواة بين الخصوم" و"حق الدفاع" في إجراءات التحكيم، وتُعنى بضمان الشفافية في تبادل المستندات والمذكرات بين طرفي النزاع، على النحو التالي:
1. وجوب الإبلاغ والتبليغ المتبادل:
تلزم المادة بأن يتم إرسال نسخة من كل ما يقدمه أحد الطرفين (مذكرات، مستندات، تقارير، خرائط...) إلى الطرف الآخر.
هذا ينطبق أيضًا على ما يرد إلى هيئة التحكيم من أطراف خارجية، كخبراء أو شهود.
2. ضمان حقوق الدفاع:
المادة تُكرّس مبدأ "الإعلام الكامل والمتبادل"، بما يمكن كل طرف من الاطلاع والرد على ما يُقدمه خصمه.
تعتبر هذه القاعدة من متطلبات العدالة الطبيعية في التحكيم، كما تقرها اتفاقية نيويورك 1958.
3. جزاء مخالفة المادة:
قد يترتب على عدم تمكين أحد الأطراف من الاطلاع أو الرد على مستند جوهري في الدعوى، بطلان حكم التحكيم، تأسيسًا على الإخلال بحق الدفاع (كما أشارت المادة 53 من نفس القانون العماني).
اولا": مقارنة مع قوانين التحكيم في دول مجلس التعاون الخليجي
● سلطنة عمان:
قانون التحكيم العماني (الصادر بموجب المرسوم السلطاني 47/1997 وتعديلاته) يولي أهمية كبرى لمبدأ المساواة وحق الدفاع، كما جاء صراحة في المادة (31) وما تم الاشارة اليه ايضا" في المادة( 32) لجهة تعديل الطلبات او استكمالها والذي يعتبر احد اهم اوجه الدفاع اثناء سير الاجراءات في الدعوى التحكيمية وذلك قبل اقفال باب المرافعة .
● المملكة العربية السعودية:
نظام التحكيم السعودي (الصادر بالمرسوم الملكي م/34 لعام 1433هـ) نص في المادة (25/3) على:
"يجب أن يُمَكَّن كل من طرفي النزاع من عرض قضيته ودفوعه، وعلى هيئة التحكيم تمكين كل طرف من الاطلاع على أقوال ومذكرات الطرف الآخر وكل مستند يقدمه."
أي أن التشريع السعودي يقر بالمبدأ ذاته بصياغة مشابهة ولكن أشمل، إذ يُعنى بجميع مراحل عرض النزاع.
● الإمارات العربية المتحدة:
قانون التحكيم الاتحادي رقم 6 لسنة 2018، المادة (26/2):
"لكل طرف أن يطلع على ما يقدمه الطرف الآخر من مستندات أو مذكرات."
كما أن المادة (27) تفرض مبدأ المساواة والمعاملة المتكافئة في الإجراءات.
القضاء الإماراتي يشدد على أن عدم تبادل المستندات يعد خرقًا جوهريًا لإجراءات التحكيم.
● قطر:
قانون التحكيم القطري (الصادر بالقانون رقم 2 لسنة 2017) نص في المادة (26) على:
"لكل طرف الحق في أن يبلّغ بشكل كافٍ بجميع الإجراءات، وأن تتاح له فرصة متكافئة لعرض قضيته."
● الكويت:
القانون رقم 11 لسنة 1995 بشأن التحكيم القضائي في المواد المدنية والتجارية، لم ينص صراحة على وجوب تبادل المستندات، ولكن من المبادئ العامة السارية في القضاء الكويتي وجوب تمكين الطرف الآخر من الرد على كل ما يُقدَّم من مستندات.
أما قانون التحكيم الجديد (القانون رقم 12 لسنة 2013 بشأن التحكيم التجاري) فقد نص في المادة (22) على أن: "يجب إخطار كل طرف بما يقدمه الطرف الآخر إلى هيئة التحكيم من مذكرات أو مستندات."
● البحرين:
قانون التحكيم البحريني (المرسوم بقانون رقم 9 لسنة 2015) تبنّى قواعد الأونسيترال، وفي المادة (18) أوجب أن: "تُرسل إلى كل طرف نسخة من المستندات المقدمة إلى الهيئة، وكذلك من التقارير والأدلة."
ثانيا": أهمية هذا النص في البيئة الخليجية للتحكيم
يتفق النظام القانوني الخليجي، رغم اختلاف الصياغات، على ضرورة الشفافية الإجرائية في تبادل المذكرات والمستندات.
ويُعد هذا من شروط صحة الحكم التحكيمي، وقد يؤدي الإخلال به إلى البطلان.
وهو ما يتماشى مع المبادئ الدولية المنصوص عليها في قواعد الأونسيترال واتفاقية نيويورك لعام 1958
تجدر الاشارة الى ان المادة 32 من قانون التحكيم العماني اعطت ضمانة اضافية في حق الدفاع اثناء اجراءات التحكيم واعطت الحق لكل من طرفي التحكيم تعديل طلباته او اوجه دفاعه او استكمالها خلال اجراءات التحكيم ما لم تقرر هيلة التحكيم عدم قبول ذلك منعا" من تعطيل الفصل في النزاع .
وهذا يعتبر ضمانة قانونية تحكيمية اجرائية من خلال تعديل الطلبات المقدمة اصلا" او استكماله مما يعزز اوجه الدفاع لدى الطرفين تحت رقابة وسلطة هيئة التحكيم التي لها حق القبول او عدمه وفقا" لسلطتها التقديرية منعا" للتعكيل او اطالة امد النزاع.
المستشار الدكتور ناجي سابق # التحكيم التجاري# التحكيم # المحكم # حق الدفاع # المساواة # المحكم ناجي سابق